ملخص البحث
النظرة إلى العالم (Worldview)
هي مجموعة من الفرضيات بخصوص الحقيقة الفيزيائية والاجتماعية والتي يمكن أن
يكون لها تأثيرات قوية على المعرفة والسلوك. وافتقاد نموذج شامل أو نظرية صورية
لهذا المفهوم حتى الآن، يجعله غير مستخدم بشكل جيد. هذا البحث يساهم في تقدم
نظرية بخصوص هذا المفهوم من خلال إبراز جوانب النقص في استخدامه. تم تحديد
مفهوم "النظرة إلى العالم". كما تم عمل مراجعة نقدية للمعالجات الأساسية لهذا
المفهوم. وكذلك تم عرض خيوط الأدلة بخصوص مفهوم "النظرة إلى العالم" باعتباره
بناء نظريا مبررا في علم النفس. تم تمييز النظرات إلى العالم من التصورات
العامة. كما تم طرح نموذج تجميعي لأبعاد مكونات النظرة إلى العالم. وتم وضع
الخطوط العامة لنظرية تكاملية في وظيفة النظرة إلى العالم، تربط ما بين بحوث
النظرة إلى العالم، بالشخصية، الدافع، التأثير، المعرفة، السلوك، والثقافة. وفي
النهاية تم وضع خطة عمل للبحث في النظرة إلى العالم بخصوص السيكولوجيا الشخصية
والاجتماعية (بما في ذلك علم النفس).
سيكولوجيا النظرة إلى العالم
عرض مختصر
يبدأ ريفيرا بطرح تصور عام
لهذا المفهوم كما يلي،
"مفهوم
"النظرة إلى العالم" هو مجموعة الافتراضات والاعتقادات التي تصف الواقع. النظرة
للعالم تتضمن افتراضات عن مجموعة غير متجانسة من الموضوعات، تتضمن طبيعة
الإنسان، معنى وطبيعة الحياة، وتكوين الكون نفسه، إذا سمينا بعض الموضوعات
المحدودة. المصطلح "النظرة إلى العالم" "Weltanschauung"
هو مصطلح ألماني الأصل يعني "نظرة" أو منظور للعالم أو الكون "يستخدم لوصف
النظرة الكلية الخارجية للفرد إلى الحياة، والمجتمع ومؤسساته (Wolman,
1973, p. 406)،
مجموعة من الافتراضات المترابطة عن طبيعة العالم تسمى "النظرة إلى العالم" (Overton,
1991, p. 269).
بالمعنى الأكثر عمومية، النظرة إلى العالم هي العدسة المترجمة التي يستخدمها
الفرد لفهم الواقع والوجود الذاتي في خلاله (M. E.
Miller & West, 1993)". (ص3)
ثم يستعرض بشكل أكثر تفصيلية
التعريفات المتعددة لهذا المفهوم، فيقول،
أخذ مفهوم "النظرة إلى العالم"
أسماء كثيرة، مثل "فلسفة الحياة" (يونج 1942/1954)، "فرضيات العالم" (بيبر
1942/1970)، "النظرة الخارجية إلى العالم" (ماسلو 1970)، "العوالم الافتراضية"
(فرانك 1973)، "تبصرات الحقيقة" (ميسر 1992)، "المنظومة البنائية للذات
والعالم" (كوتلر وهازلر 2001)، وأسماء أخرى كثيرة. في علم الإناسة
(الأنثروبولوجي) وحده سميت النظرة إلى العالم "التوجهات الثقافية"، "التوجهات
القيمية"، "نظم المعنى اللاواعية"، "التركيبات"، "الجوهر الموضوعي للثقافات"
و"قلب الثقافة" (كلوكوهن وسترودتبك 1961/1973). وخلاف الالتباس الناتج عن
استخدام أسماء كثيرة لنفس البناء التصوري، مفهوم "النظرة إلى العالم" كما سيتضح
فيما يلي، تم تعريفه ربما بصور مختلفة، ربما بعدد الأسماء التي أطلقت عليه.
ولغرض هذه الدراسة، "النظرة
إلى العالم" يمكن أن تعرف كمفهوم كما يلي:
"النظرة إلى العالم هي طريقة
لوصف الكون والحياة من خلاله، على أساس كل من ما هو وما يجب أن يكون عليه.
ونظرة معينة للعالم هي مجموعة من الاعتقادات تتضمن افتراضات وتقريرات محددة
بخصوص ماذا يوجد وماذا لا يوجد (إما في الواقع أو من حيث المبدأ)، ما هي
الموضوعات أو الخبرات الجيدة والسيئة، وما الأغراض، السلوكيات، والعلاقات
المرغوبة وغير المرغوبة. النظرة إلى العالم تحدد ما يمكن أن يعرف أو أن يفعل في
العالم، وكيف يمكن أن يعرف أو أن يفعل. إضافة إلى تحديد ماهي الأهداف التي يمكن
الطموح إليها، النظرة إلى العالم تحدد الأهداف التي يجب العمل على تحقيقها.
النظرة إلى العالم تتضمن افتراضات يمكن أن تكون غير مثبتة، أو حتى غير ممكن
إثباتها، ولكن هذه الافتراضات هي أولية، بمعنى أنها تقدم الأسس المعرفية
والوجودية لاعتقاداتنا في إطار منظومة اعتقادية معينة. (معدل من كولتكو-ريفيرا
2000)". (ص4)
وبخصوص البنية التي يتكون منها
هذا المفهوم يطرح ريفيرا التصور التالي باعتباره خلاصة التعريفات المختلفة التي
جمعها،
"من المهم تمييز خلال المنظور
إلى العالم الاعتقادات والقيم والعلاقات فيما بينها. تبعا لروكيتش "النظرات إلى
العالم" و"القيم"، كلاهما "اعتقادات"، ولكن القيم لا تمثل سوى نوع من عدة أنواع
من الاعتقاد.
وتبين أنه في كل نظرة للعالم
هناك ثلاثة أنواع من الاعتقادات. اعتقادات وصفية أو وجودية، وهي القادرة على أن
تتحدد بكونها صحيحة أو خاطئة؛ واعتقادات تقييمة حيث يكون موضوع الاعتقادات محلا
للحكم بالصحة والخطأ؛ واعتقادات عرفية أو تحريمية حيث تكون بعض وسائل أو غايات
الأفعال محلا للحكم بكونها مرغوبا فيها أم لا. والقيمة "Value" هي اعتقاد من النوع الثالث
(روكيتش، 1973).
وعلى الرغم من أن القيم على
وجه الخصوص تعكس اعتقادات عرفية أو تحريمية، فإن تقريرات النظرة إلى العالم
يمكن أن تشير إلى اعتقادات من أي نوع من الأنواع الثلاث التي ذكرها روكيتش.
تقريرات النظرة إلى العالم التي تصف كيانات يظن أنها موجودة في العالم (مثل
وجود إله يعتني بي شخصيا) هي اعتقادات وجودية. وتقريرات النظرة إلى العالم التي
تخص طبيعة ما يمكن معرفته أو فعله في العالم (مثل "هناك
فعلا شيئا مثل حرية الإرادة، أو أن "البحث العلمي هو طريقة موثوقة
للوصول إلى الحقيقة ) هي أيضا تقريرات وجودية. وعلى كل حال ما هو متضمن هو أن
هذه التقريرات هي تقريرات موضوعية إما صحيحة أو خاطئة.
تقريرات النظرة إلى العالم
التي تصف الوجود أو الأفعال الإنسانية بمصطلحات تقييمة (مثلا "هؤلاء الذي
يقاتلون ضد بلدي هم أشرار"، أو "الطبيعة الإنسانية هي من حيث المبدأ خيرة") هي
من النوع الثاني من الاعتقادات التي وصفها روكيتش: هي اعتقادات قيمية.
ولكن التقريرات الأخرى للنظرة إلى العالم ، التي تصف وسائل أو غايات
مفضلة ( مثال، "الشيء الذي يجب فعله في الحياة هو أن نعيش اللحظة") هي اعتقادات
عرفية أو تحريمية.
وليست كل الاعتقادات هي
اعتقادات نظرة إلى العالم. الاعتقادات الخاصة بالطبيعة الكامنة للحقيقة،
العلاقات الاجتماعية أو مبادئ الحياة اللائقة، أو وجود أو عدم وجود كيانات مهمة
هي اعتقادات نظرة إلى العالم.
بإيجاز، الاعتقادات يمكن أن
تكون وجودية أو تقييمة أو عرفية/تحريمية، ومنها القيم فقط تعود إلى النوع
الأخير؛ ويمكن لنظرة معينة إلى العالم أن تتضمن كل هذه الأنواع من الاعتقادات
ولكن ليست كل الاعتقادات هي اعتقادات خاصة بالنظرة إلى العالم".
ويمكن القول بأن أي منظومة
فلسفية أو دينية هي ذاتها ترى الكون بشكل معين ، فهي إذن "نظرة إلى العالم".
الشيء المشترك الذي يوجد تقريبا في كل الثقافات والتصورات الدينية القديمة هو
(كيف وجد الإله) وتصورات نشأة الكون (كيف خلقت الأرض ونشأت فيها الحياة) تقدم
معنى لكيف يعمل العالم وما الموجودات التي توجد فيه (بما يتضمن الإنسان،
والمخلوقات الأدنى والأعلى منه)". (ص 5)
ويستعرض ريفيرا تصورات بعض
الفلاسفة وعلماء النفس لهذا المفهوم،
"في القرن العشرين تعبر أوصاف
فريدريك نيتشه (1872/1956) للتصورات الأبولونية والديونيسية عن تطورات في دراسة
النظرة إلى العالم. أولا، أدرك نيتشه أن "النظرات إلى العالم" تتضمن ما هو أكثر
من البحث اللاهوتي والبحث في الكون وتتضمن معنى لنهاية الحياة الإنسانية
وللاتجاهات التي يجب أن تتجه إليها نشاطاته. ثانيا، وصف نيتشه لنظامين متنافسين
اظهر حقيقة وجود عدة بدائل للنظرة إلى العالم، مقاربات للحياة وأوصاف للواقع
تستبعد بعضها البعض. (...) تبصرات نيتشه كانت أن نظرات العالم المختلفة تمتلك
جاذبية وشرعية مستقلة بالنسبة للذين يعتنقونها، وأنه من الملائم أن نقارن
النظرات إلى العالم بطرق أخرى خلاف مجرد الادعاء بأن واحدا معينا هو الصحيح
بشكل مطلق". (ص 6)
"بالنسبة للفيلسوف الألماني
فيلهلم ديلتاي (1833-1911)، "النظرات إلى العالم تتحمل عبء حل لغز الحياة"
(ديلتاي 1957/1970). أي أن، النظرات إلى العالم تمثل إجابات الشخص أو الثقافة
للأسئلة الوجودية الأساسية (هودجز، 1944)، وعلى وجه الخصوص معنى الحياة في
مواجهة الموت (ديلتاي، 1957/1970). على أساس النظرة إلى العالم، تتقرر الأسئلة
المتعلقة بأهمية ودلالة الكون، ومنها تشتق مثل الحياة، والخير الأسمي، والقيم
العليا المحددة للسلوك (ديلتاي، 1957/1970)". ( ص 6)
"على النقيض من ديلتاي، على
اية حال، سخر فرويد من فكرة أن النظرة إلى العالم لها أي استخدام أو فائدة.
بالنسبة لفرويد "Weltanschauung"، هو تركيب عقلي يعمل على حل
كل مشكلات الوجود الخاصة بنا بشكل كامل على أسس فرضية واحدة نافذة، والتي هي
بناء على ذلك لا تترك سؤالا بلا جواب وكل شيء يهمنا يجد فيها مكانا ثابتا
(فرويد 1933/1964)". (...) وعلى الرغم من أن فرويد احتقر مفهوم النظرة إلى
العالم، إلا أنه قدم هو أيضا بعض أبعاد هذا المفهوم (...) عرف فرويد أربعة
نظرات أساسية إلى العالم: علمية، دينية، فلسفية، وفنية. (...) باختصار قدم
فرويد على الأقل سبعة ابعاد للنظرة إلى العالم هي : اعتقادات بخصوص مصدر
المعرفة المشروعة (أي الإبيستمولوجي)، بخصوص مصدر الكون (أي الكوسمولوجي)،
بخصوص مصادر السعادة، بخصوص وجود محددات لاواعية للفكر والسلوك، بخصوص قضية
حرية الإرادة مقابل الموقف الحتمي بخصوص الفاعلية الإنسانية، وأخيرا موضوع
الانطولوجية الروحية مقابل الأنطولوجية المادية. (ص 6-7)
"بالنسبة إلى كارل يونج،
"النظرة إلى العالم" هي شيء مغروس بقوة في نفسية الفرد، وبصورة لا واعية بشكل
كبير وينتقل خلال الأفراد ثقافيا، هو عنصر ذو أهمية رئيسية في الشخصية بالنسبة
لتوجيه تصورات الشخص واختياراته (1951/1954).
بالنسبة ليونج امتلاك وجهة نظر للعالم هو أمر لا يمكن تجنبه كشرط اساسي
للحياة الإنسانية (1942/1954). بالنسبة إليه، نظرة الفرد إلى العالم تطرح عادة
بواسطة المذاهب الخاصة بالديانات العديدة في العالم، على سبيل المثال، ما يخص
القدر، توقع عدم فناء الشخصية..وهكذا. وعلى كل حال هذه ليست مواقف فكرية جامدة،
ولا هي تجعل نظرة فرد ما إلى العالم مجرد بناء فكري. النظرات إلى العالم، مثل
المذاهب الدينية "هي خبرات عاطفية... المناقشات المنطقية تقفز ببساطة فوق
الشعور والخبرة بالحقائق" (1942/1954)". (ص9)
"الفيلسوف ستيفين بيبر
(1942/1970) وصف بعض "التعبيرات المجازية الجذرية"، على أساس الخبرة اليومية،
التي يستخدمها الناس لتفسير الواقع. هذه التعبيرات المجازية، كتب بيببر، مكنت
الإنسانية قديما من فهم العالم ثم تم تحسينها حتى أصبحت "فرضيات العالم" (أي
نظرات إلى العالم)، والتي بدورها قدمت الافتراضات الاساسية للمدارس الفلسفية
المختلفة. ذكر بيبر ستة "فرضيات للعالم": الحيوية، الصوفية، الشكلية،
الميكانيكية، العضوية، والسياقية. وباستبعاد المجازين الأولين، باعتبارهما غير
ملائمين لوصف العالم، نجد أن الشكلية تستخدم مجاز التشابه، والميكانيكية تستخدم
مجاز الآلة، والسياقية تستخدم مجاز الحدث الحي في اللحظة لوصف الواقع، والعضوية
تستخدم مجاز الكائن الحي." (ص9).
وبطريقة أخرى يثبت ريفيرا في
نفس العمل السابق استعراض جزء منه أعلاه نفس القضية، ولكن اعتمادا على مفاهيم
علم النفس. فيستعرض بعض الأعمال المتعلقة بالموضوع كما يلي،
"يطرح "كيلي" مفهوم "البناءات
الشخصية" الذي يقابل مفهوم النظرة إلى العالم. طرح كيلي مقاربة للشخصية وقفت في
تضاد واضح مع النماذج الحتمية المعتمدة على رد الفعل التي كانت مطروحة في علم
النفس السلوكي والتصورات الفرويدية المعتمدة على التحليل النفسي. ركز كيلي على
الشخص باعتباره عالما عاديا يهدف للتنبؤ والسيطرة على العالم باستخدام "القدرة
الإبداعية للكائن الحي ليتمثل البيئة، وليس فقط الاستجابة لها (كيلي 1955).
خلال هذه المحاولات، الأفراد يستخدمون نماذج معينة، "البناءات الشخصية"، لتفسير
العالم وتمثيل الكون. والبناءات الشخصية تقابل مفهوم "النظرة إلى العالم".(...)
قدم (كيلي) مجموعة من الاقتراحات النظرية عالية التجريد بخصوص وظيفة البناءات
الشخصية. هذه الاقتراحات تتكون من افتراض أساسي وأحد عشر استنتاجا (كيلي 1955).
بعض هذه الاستنتاجات مقدمة فيما يلي مع إعادة صياغتها بمصطلحات النظرة إلى
العالم موضوعة بين قوسين:
فرضية اساسية: العمليات
التفاعلية للشخص تمر سيكولوجيا من خلال الطرق التي يتوقع بها الأحداث (كيلي
1955). ( العمليات السيكولوجية [مثلا، المعرفة والحكم] تتأثر بما يعتقده الشخص
عما سوف – أو يمكن أن – يحدث.
نتيجة الفردية: الأشخاص
يختلفون عن بعضهم البعض في بناءهم للأحداث (كيلي 1955). (الناس المختلفون
يمتلكون نظرات مختلفة للعالم والتي تنتج عن فهمهم المختلف للواقع.
نتيجة التفرع: المنظومة
البنائية لشخص ما تتكون من عدد محدود من البناءات ثنائية التفرع (كيلي 1955).
(النظرة إلى العالم تتركب من عدد محدود من الأبعاد ثنائية القطبية).
ويوضح ريفيرا أن،
افتراضات واستنتاجات كيلي تعمل
كمقدمات لنظرية متكاملة للنظرة إلى العالم. إضافته الأساسية لدراسة النظرة إلى
العالم هي إدراكه أن الناس يتفاعلون بشكل إيجابي مع البيئة باستخدام بناءات
النظرات إلى العالم كأدوات حتى يحققوا الغايات النهائية التي حددوها بأنفسهم".
(13- 14).
أي أنه طبقا لتصورات كيلي توجد
على المستوى السيكولوجي للفرد بناءات شخصية غير واعية مرتبطة ارتباطا مباشرة
بالنظرة إلى العالم التي يعتنقها المجتمع، هي بناءات النظرة إلى العالم. بعد
ذلك يطرح ريفيرا بعض الملاحظات بخصوص الارتباط بين النظرة إلى العالم وبين
التعامل السيكلولوجي للفرد مع العالم يبين بها الحالة الراهنة لهذه القضية،
ويلخص الصعوبات النظرية القائمة للوصول إلى ذلك حتى الآن،
"هناك بعض المحاولات في
السنوات الأخيرة لصياغة بناء نظري للنظرة إلى العالم من خلال مصطلحات نظرية
علمية. (...) تريفينون (1966) وضع الإطار العام لنظرية ترتبط فيها "النظرة إلى
العالم" بالسلوك وتغيره. ليو (2001و2002) وصف نظرية عن النظرة إلى العالم تدور
حول الطبقة الاجتماعية كمبدأ منظم للإدراك والسلوك. وعلى الرغم من أنها بدايات
مشجعة إلا أن هذه النظريات محدودة جدا. (...) ليس هناك حتى الآن نظرية علمية
عامة متاحة للنظرة إلى العالم.
منظري النظرة إلى العالم
يتفقون، عموما، على أن النظرة إلى العالم تؤثر على السلوك، ولكن بالضبط كيف
يحدث هذا؟ أين تقع النظرات إلى العالم في وسط البنيات والوظائف المعرفية
والشخصية المتعددة؟ هل تؤثر النظرات إلى العالم على العمليات الأساسية لتكوين
التصورات؟ الإدراك؟ الإحساس؟ أم أن النظرات إلى العالم تقع أبعد في مخارج
العمليات المعرفية؟ هل تحدد النظرات إلى العالم أنواع أو سمات الشخصية، هل
العكس هو الصحيح، هل هي جزء مشارك في التركيب، أم أن النظرات إلى العالم
والبناءات الشخصية تعمل أساسا بشكل مستقل، على الرغم من كونها في تفاعل. (ص 22)
"سؤالنا هو، هل للنظرات إلى
العالم قوة سببية في التشكيل والتأثير على المعرفة والسلوك؟ أرى أربع خيوط من
الأدلة تخص هذا التساؤل. هذه الخيوط من الأدلة تتضمن الاختلافات بين الثقافات
في المعرفة، الاختلافات القيمية الراجعة إلى الثقافات/الأعراق، الأبحاث العلمية
المطروحة صراحة بخصوص النظرة إلى العالم، والأبحاث عن آثار الاختلافات في
الاعتقادات الدينية والخبرة.
فيما يخص الاختلافات الثقافية
في اكتساب المعرفة، تشهد عدد كبير من الأبحاث لفكرة أن الثقافة تسبق السلوك،
بمعنى أن الثقافة تشكل المعرفة والمشاعر والسلوك. (...) بعض المؤلفين فسروا ذلك
بمصطلحات ترتبط أساسا بمفهوم النظرة إلى العالم. على سبيل المثال نيسبت وآخرون
(2001) بينوا عمليات توجه فيها "النظم الاجتماعية" (أي الثقافة) الانتباه،
مؤثرة بذلك على الميتافيزيقا، (...) وهو مصطلح يقابل هنا النظرة إلى العالم.
هؤلاء الباحثون يصفون كيف أن هذه السمة للنظرة إلى العالم "توجه بصمت
الإبستيمولوجيا، أي الاعتقادات عن ما هو مهم أن نعرف وكيف يمكن اكتساب
المعرفة". ثم وكما يقررون "الإبستيمولوجيا تملي التطور والتطبيق للعمليات
المعرفية على حساب الآخرين" مقترحين أن النظرة إلى العالم تشغل مكان المصدر في
المعرفة بالنسبة للمكونات الأخرى الجزئية للمعرفة. (...) على العموم الأدلة
الناجمة عن دراسة الاختلافات في المعرفة تتسق مع فكرة أن هذه الاختلافات تمثل
مخارج لعملية المعرفة مترتبة على اختلافات عميقة مستقرة في التصورات عن الواقع.
وهذا دليل عى وجود النظرات إلى العالم كما تم تصورها في هذا العمل. (ص23).
وفي خلاصة الجزء النظري من
دراسته يطرح ريفيرا بشكل موجز ما يسميه أسس النظرية التكاملية لمفهوم النظرة
إلى العالم، وهي خلاصة يتبين منها أن الأدبيات الحالية لم تصل إلى التصور
النظري المتماسك لهذا المفهوم بعد، كما يلي،
"الأبحاث التي تم مراجعتها
سابقا وصنعت إضافات عامة جدا للنظرية التكاملية. على الرغم من أن أيا منها لم
يقترح نظرية علمية، أغلبها تضمنت بشكل صريح فكرة أن النظرة إلى العالم تؤثر على
السلوك. بمعنى أن السلوك الفردي بصورة ما يكون متسقا مع نظرته إلى العالم. وفي
نفس الوقت، لم يدعي أي من هذه المصادر أن السلوك ليس إلا تعبير عن النظرة إلى
العالم؛ سمات أخرى للشخص، مثل الثقافة والصفات الشخصية، تلعب أيضا دورا ما في
تشكيل السلوك. إضافة إلى ذلك العديد من هذه المصادر أكد على دور الثقافة في نقل
النظرات إلى العالم، بعض المصادر هي بشكل صريح، "متعددة الثقافات"، ليس فقط
بمعنى أنها تنظر إلى المتغيرات الثقافية ولكن ايضا بمعنى أنها تحاول أن تجعل
الثقافة مركزية بالنسبة لعلم النفس بدلا من كونها هامشية". (ص 36)
وفي الجزء الأخير من البحث
يطرح ريفيرا الجوانب التطبيقية في إطار علم النفس لذات المفهوم، ويطرح ما يسمية
بالأجندا البحثية بهذا الخصوص.
Koltko-Rivera Mark E., 2004,
The Psychology of Worldviews, Review of General
Psychology , Vol. 8, No. 1, 3–58.
.
.