Arabic symbol

 

                          

أهلا بكم من نحن فلاسفة أبحاث فلسفية الخطاب الفلسفي أخبار الفلسفة خدمات الفلسفة

فلاسفة العرب

                               

 

 

            

 

 هنا وفي كل مكان: علم اجتماع المعرفة العلمية

  ستيفن شابين

 

English

 

 

 
بحث مخصص

 

 

 

 

 

ملخص

علم اجتماع المعرفة العلمية "Sociology of Scientific Knowledge" "SSK" هو واحد من أكثر تخصصات المهنة هامشية، ومع ذلك فإن موضوعه المعرفي، الجو التساؤلي العام، وبعض مكتشفاته لها علاقة قوية بطبيعة ومجال البحث الخاص بعلم الاجتماع على وجه العموم. في حين أن علم الاجتماع التقليدي يسأل عن كيف، وإلى أي مدى، يمكن أن تؤثر "العوامل الاجتماعية" على نتائج العقل، "SSK" يسعى إلى أن يبين أن المعرفة كانت في جوهرها اجتماعية، وبهذا، طرح أسئلة أساسية عن التقسيم الذي كان مسلما به بين العوامل الاجتماعية وبين العوامل المعرفية أو الطبيعية. هذا العمل يتتبع التطورات التاريخية لعلم اجتماع المعرفة العلمية وعلاقاته بالتساؤلات السوسيولوجية والثقافية بصورة عامة. هو يحدد الحساسيات "المحلية" في "SSK" والمشكلات التي تنبع منها والتي يواجهها عن كيف تتجه المعرفة العلمية. وأخيرا، يصف عدد من أشكال النقد الموجه إلى "SSK" والذي ظهر من خلال ممارسيه أنفسهم، مبينا كيف يكون بعض هذا النقد معبرا عن عودة الآمال القديمة للغات الذاتية من الدرجة الثانية (privileged meta-languages).

 

مقدمة

ليس هناك نقص في مراجعات وتقييم علم اجتماع المعرفة العلمية "SSK". أكثر هذه الأعمال كتبت بواسطة نقاد أو مشاركين بقصد وضع بصمتهم الخاصة على مجال متشظي ومحل جدال[1]. أنا أيضا شاركت في ذلك: رؤيتي عن ماهية المجال، وكيف يجب أن يكون، قد تم التمسك بها بقوة؛ وقد تم عرضها في مكان آخر، وبشكل لا يمكن تجنبه سوف تكون ظاهرة في هذا المسح. ولكن الغرض هنا ليس تحقيق النقاط بقدر تقديم مسحا نقديا لكيف تطور، ولا يزال يتطور، مجال "SSK" بالمقارنة مع علم الاجتماع، لجعل الاهتمامات الأساسية للمجال أقرب للفهم لعلماء الاجتماع على العموم عن ذي قبل. بالنسبة لهذا التخصص، هذا الغرض ليس تافها، حيث لا مكان "SSK" في الثقافة الاجتماعية ولا ما يتضمنه بالنسبة لمستقبل علم الاجتماع – وعلى الأخص النظرية الاجتماعية – قد تم عرضه بشكل كاف سابقا[2].

الـ "هنا وفي كل مكان" في العنوان يشير في الحال إلى إشكالية مكان "SSK" في إطار علم الاجتماع الأكاديمي وإلى مشكلة مركزية أوجدها ويواجهها الآن – كيف يمكن تفسير العلاقة بين المحددات المحلية التي يتم إنتاج المعرفة العلمية في إطارها والكفاءة المتميزة التي يبدو أن هذه المعرفة تتحرك بواسطتها.

علم اجتماع المعرفة العلمية والثقافة الأكاديمية

يجب تصنيف "SSK" كأحد نجاحات علم الاجتماع في الفترة الماضية. لم ينشأ سوى منذ حوالي خمسة وعشرون عاما، في السبعينيات وأوائل الثمانينيات [من القرن العشرين] وكان بشكل تام تقريبا ممارسة بريطانية (Collins 1983a:266-71). الآن هناك ممارسون لهم نفوذ كبير في شمال أمريكا، اسكندينافيا، واستراليا؛ والأعمال التأسيسية المكتوبة باللغة الإنجليزية قد ترجمت إلى الفرنسية، الإيطالية، اليابانية، البولندية، الروسية، والأسبانية. برامج في "الدراسات العلمية، "الدراسات العلمية والتكنولوجية"، أو "العلم، التكنولوجيا والمجتمع" – بعضها تم تمويله من خلال المؤسسة الوطنية العلمية للولايات المتحدة – تشغل لديها علماء اجتماع المعرفة العلمية. هؤلاء العلماء ظهروا بشدة في أفضل الجامعات الأمريكية؛ كما ظهرت وانتشرت جمعيات مهنية مرتبطة بهذا المجال. المجلات العلمية والناشرون الأكاديميون، الذي كانوا سابقا يجهلون أو غير مهتمين بالمجال، أصبحوا الآن يبحثون عن مساهمات فيه، خالقين وضعا أدى فيه الطلب إلى نقص الأعمال الجيدة. الكتب التأسيسية طبعت ووزعت باعتبارها أعمالا كلاسيكية (Bloor 1991, Collins 1992)؛ الكتب التعريفية بالمجال، أعمال المسح التركيبي، والكتب المرجعية ظهرت ثم تم تجاوزها بواسطة مراجع راهنت على إعادة تعريف هذا المجال السريع التغير (Barnes 1972, 1985, Mulkay 1979, Barnes & Shapin 1979, Barnes & Edge 1982, Law & Lodge 1984, Yearley 1984, Woolgar 1988a, Cozzens & Gieryn 1990, Callon & Latour 1991, Jasanoff et al 1994).

كما تم إطلاق مشروعات لإقحام مكتشفات "SSK" في برامج التواصل العلمي والتعليم الليبرالي (Collins & Pinch 1993, Chambers & Turnbull 1989)[3] وفي تحليل وتكوين العلم وسياسيات التكنولوجيا (Jasanoff 1990, 1992, Wynne 1992, Collins 1985, Fuller 1993, Cambrosio et al 1990, Travis & Collins 1991, Epstein 1993)، في حين أنه تم تأكيد قدرة "SSK"، بالمعنى العام، على صياغة المقولات التقليدية للنظرية الاجتماعية والثقافية ككل (Latour 1993, Law 1994)[4].

الأكثر أهمية، هو أن الثقافة الأكاديمية عموما أظهرت اهتماما كبيرا بما تم إنجازه في هذا المجال. على العكس من العديد من متخصصي علم الاجتماع الآخرين جذب "SSK" بقوة اهتمام المؤرخين والفلاسفة (e.g. Shapin 1982, Shapin & Schaffer 1985, Rudwick 1985, Golinski 1990, Dear 1995, Fuller 1988, 1992, Rouse 1987, Toulmin 1990) وخطوط التماس بين ما يعد تاريخي أو فلسفي وما يعد تطبيقا سوسيولوجيا في هذه المنطقة أصبحت مطموسة إلى حد عدم إمكان رؤيتها[5]. في هذه الأثناء انجذب الأنثروبولوجيون، منظروا النظرية الأدبية والنسوية، والجماعة غير المحددة بشكل دقيق ولكنها مثلت تيارا جديدا والمتمثلة في "الدراسات الثقافية"، إلى دراسة العلم بشكل كبير بتأثير أعمال "SSK". فالدراسات الاجتماعية للعلم هي واحدة من أكثر المشروعات المتعددة التخصصات في الدراسات الأكاديمية الحديثة استمرارية.

منذ ما يقرب من خمسة وعشرون عاما خلت كان بالكاد حقيقة عالمية معترف بها أنه يمكن أن يكون هناك فهما سوسيولوجيا مشروعا للخطأ العلمي، لـ "الطرق العمياء التي دخلها العلم"، لحالة المؤسسات العلمية، وربما للدينامية العمومية للبؤر العلمية، ولكن لم يكن ممكنا أن يوجد شيئا مثل سوسيولوجيا للمعرفة العلمية الأصيلة (Ben-David 1971:11-13). الآن، وفي حين أن نجاعة "SSK" لم تصل بعد إلى حد الاعتراف بها عالميا، إلا أن عددا من الدعاوى المركزية قد مرت إلى التعاملات الأكاديمية العادية، والمسارات الحديثة لتاريخ وفلسفة العلم، التكنولوجيا، والطب تم تشكيلها بشكل أساسي من خلال تقدير الممارسين للفرص التي أتاحتها لهم المشكلات التي طرحت من خلال أبحاث "SSK".

وفي نفس الوقت، يظهر المجال علامات عديدة على أنه في أزمة حادة: بعض المشكلات لها تاريخ طويل، في حين أن بعضها الآخر يجب أن ينظر إليه على أنه الحصاد المر للنجاح نفسه. نفس الإنجاز الذي حققه "SSK" في تأسيس إمكانية، مشروعية، والاهتمام بفهم سوسيولوجي (واجتماعي-تاريخي) تفصيلي للمعرفة العلمية جذب طيفا واسعا من الأكاديميين من التخصصات الأخرى إلى درجة أنه لم تعد لا حدود المجال ولا أهدافه الفكرية وبؤر تركيزه واضحة. ما يبدو بالنسبة لبعض الممارسين على أن "تعدد محمود للأصوات" يبدو بالنسبة للبعض الآخر عدم اتساق ونقص في جدية الغرض يدعو إلى الأسف. "الدراسة الاجتماعية للعلم" كمقابل "موضوعي" لـ "SSK"، تطورت لتصبح أكثر المناطق طردا، أكثرها جدلا، بل وأكثرها تدميرا (على سبيل المثال، Pickering 1992). لمجرد أن الموضوع محل البحث ليس أقل من التفسير الدقيق لأكثر صور المعرفة تقديرا في مجتمعنا – حقيقته – أصبح الصراع على الحق في التفسير مشحونا ومريرا. وأصبح عبء عدم العدالة في عالمنا واقعا بشكل حازم على عاتق هؤلاء الذي يحتفظون بوجهات نظر منهجية "غير صحيحة".

قضايا أساسية لها صفة منهجية وقعت تحت الجدال الشديد. الاختيارات بين الوضعية الدوركايمية (نسبة إلى دوركايم) والذاتية الفيبرية (نسبة إلى فيبر)، الأهداف التفسيرية وتلك الخاصة بالشرح والإيضاح، بؤر البحث الميكرو والماكرو، التأكيد على البنية والفاعلية، المناهج النظرية والإمبيريقية – كل هذه القضايا قام العراك حولها، بدرجات متفاوتة من الارتباط المهني بالمجال، مع جدال موازي لها في التيار الرئيسي لعلم الاجتماع، مع نتائج تفاوتت ما بين إعادة اختراع العجلة إلى محاولات هامة في إعادة تحديد المصطلحات المطروحة للجدال (Cailon & Latour 1981, Collins 1981a, 1983b, Knorr-Cetina 1981a,b, Law 1974, 1984, Turner 1981). تم تقديم عدد من المخططات المنهجية والأنطولوجية، وتم التأكيد على أن علم اجتماع العلم (sociology of science) يتطلب الاعتماد على المخططات الصحيحة، في حين أن الشكاك تساءلوا عما إذا كانت المشروعات التفسيرية يجب أن يكون مفترضا أنها تتطلب ميتافيزيقا ((Latour 1993, Shapin 1992:354-60). اكتشف علماء اجتماع العلم الرواد أن المجال تضمن كيانات "نظرية-اجتماعية"، مثل "الاهتمامات"، وأعلنوا بيأس ممزوج بالابتهاج أنه لا يمكن الوصول إلى أوصاف أو شروحات "محددة" للعلم، في حين أن ممارسون آخرون أعلنوا اندهاشهم من إمكانية أن يفكر أي أحد في بناء تصورات خالية من التنظير أو التظاهر بالتحديد (Woolgar 1981, Barnes 1981).

تمت مهاجمة النسبية (relativism) باعتبارها تهديدا دخيلا لنسيج النظام الاجتماعي، في حين أن المدافعون عنها جادلوا بأن النسبية المنهجية (وليست الأخلاقية أو الأنطولوجية) هي ببساطة ضرورية للتفسير الطبيعي للتغيرات في الاعتقاد.[6] وناضل الممارسون لتحديد الموقف الصحيح للتحليل، ما بين غير المهتم والملتزم. الدعوى الأصلية القائلة بأن "SSK" لم يكن سوى امتدادا لدراسة العلم لنفسه (Bloor [1976] 1991) تمت مقابلتها بالإصرار المستمر – والذي ربما لم يصبح سائدا بعد – لعدد من الكتاب الذي يقصدون التعريض بالعلم (على أنه "سلطوي"، "ذكوري"، "غير إنساني"، أو "غامض") وبواسطة هؤلاء الذين يظنون أن الهدف الصحيح بالنسبة للأكاديميين هو فتح رؤى بديلة لما يمكن أن يكونه العلم ولكيف يجب أن تتكون علاقاته الاجتماعية (Martin 1993, Restivo 1989, Lynch & Fuhrman 1991, Scott et al 1990; cf Collins 1991, Lynch 1992b).  

 

حديثا جدا، أصبح عددا قليلا من العلماء الطبيعيين المتميزين على دراية بـ "SSK"، وبشجاعة، متجاهلين الاختلافات الحاسمة في الغرض والنغمة ما بين الممارسين، عمدوا إلى كشفهم جميعا باعتبارهم أعداء للعلم، ومدفوعين لأهداف خاصة بأجندات سياسية (Gross & Levitt 1994, Wolpert 1992). تم إرجاع الأزمة المزعومة في ثقة الجمهور، ودعمه، في العلم – بشكل لا يصدق كما يظهر – إلى التأثير الشرير للـ "SSK" ولزميلتها في المسار فلسفة العلم (e.g. Theocharis & Psimipoulis 1987). الهشاشة السياسية لواحدة من التخصصات السوسيولوجية القليلة التي تطمح إلى تفسير ثقافة أكثر قوة وهيبة منها ذاتها، والتي تقدم تفسيرات مختلفة عن الروايات الرسمية لهذه الثقافة، أصبحت الآن فقط ظاهرة. وكما يقول المثل الصيني، من يركب ظهر النمر يمكن أن ينتهي به الأمر داخله.

عدد السوسيولوجيين الذين يعملون في المجال يستمر في التضاؤل. فقد تصادف وصول "SSK" إلى شعبية نسبية مع التخفيض المستمر لحكومة تاتشر في تمويل الجامعات البريطانية مما أدى إلى معاناة عدد من مراكز هذا التخصص الأساسية بشدة، وتآكل أو تلاشي إمكانية تدريب الجيل التالي. والارتفاع في الاهتمام بهذا المجال في المعاهد الأمريكية في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين تأثر أيضا بالانكماش الاقتصادي وما ترتب عليه من تخفيض في دعم وفرص الدراسات العليا. الظروف الصعبة تحبط المبادرة الفكرية، سواء من جانب الطلبة أو من جانب لجان الاختيار. ربما يشفي الوقت وتحسن الاقتصاد هذه الجروح، ولكن صعوبات بنيوية مزمنة أثرت على "SSK". 

أولا، الدراسة السوسيولوجية للعلم تضع متطلبات على عاتق من ينضم إليها، وهي متطلبات يجدها الجميع، فيما عدا القلة، صعبة الاستيفاء. على الرغم من الاعتماد المستمر للسوسيولوجيا في أمريكا الشمالية على العلم، قليل من الطلبة يأتون مؤهلين بما هو مطلوب من معرفة بالعلوم الطبيعية.  عدم القدرة المتأصل في البعض للتمكن من الجوانب العلمية التقنية المرتبطة بالأبحاث يضاف إلى خوف البعض الآخر من أن مثل هذه المتطلبات سوف يكون من الصعب جدا تحقيقها. وعلى الرغم من الكلام الكثير عن التعليم المتفتح ومتطلبات توزيع الطلبة، فإن الفجوة ما بين "الثقافتين" التي وصفها (CP Snow in 1959) لم يتم تجسيرها بأي شكل ملموس. هناك إحساس شائع، ومبرر جزئيا، بأن "SSK" هو مجال صعب وأن الطلبة الذين يبحثون عن مستقبل علمي مضمون يجب أن ينظروا إلى اتجاه آخر.[7]

كما أن المواد التعليمية في المستوى الجامعي لا تفعل الكثير لتعريف الطلبة بماهية هذا التخصص ولا إعطائهم حتى قدر قليل من التعود لمواجهة الخوف المبالغ فيه والمفروض بنيويا من التقنية العلمية. أكثر من ذلك، التقاليد العلمية للسوسيولوجيا في أمريكا الشمالية، وبدرجة أقٌل في بريطانيا وأوروبا، تستمر بنشاط في نشر صورة عن "المنهج" العلمي والمعرفة العلمية مختلفة جذريا عن هذه التي يطرحها "SSK". هناك مقولة بأن آخر قلعة كبرى للإيمان بالصورة المبسطة للعلم و"منهجه" ليست موجودة في العلوم الطبيعية وإنما في العلوم الإنسانية.

الطلبة الذي يتعلمون في ظل هذا الواقع يجدون أن الأعمال الأساسية الحديثة في "SSK" – عندما يلتقونها – ليست فقط غير معتادة وإنما صادمة. القليل من مراجع علم الاجتماع تعدهم للدعوى القائلة بأن الحقيقة العلمية قابلة للفحص السوسيولوجي الدقيق، في حين أن بعض من السلطات العلمية المتميزة والأكثر ريادة تظل ضمن غير المقتنعين أو غير المؤيدين لذلك. يحكم جوزيف بن دافيد (1981:41-47, 54-55) على الأعمال في هذا التخصص بأنها "برنامجية" إلى درجة كبيرة، ويعلن أن "SSK" هو مجال "غير هام من الناحية السوسيولوجية" و"خطأ". وفي حين يظهر ستيفن كول (1992: 81) إشارات غير عدائية نحو "SSK"، إلا أنه يدلي برأيه بأنه "فشل في أن يحصل على مثل واحد أو حالة واحدة" تبين أن العمليات الاجتماعية "تؤثر حقيقة على المحتوى المعرفي الخاص بالعلم". وتوماس كون (1992:8-9)، الذي ينأى بنفسه عن الربط السوسيولوجي بعمله، أعلن حديثا أن "SSK" أو بشكل أكثر غموضا، "ما فهم بشكل واسع" على أنه دعواه، هو "مثال للتفكيك الذي وصل إلى حد الجنون".[8] بالمقارنة مع متخصصين آخرين، لا يملك "SSK" سوى عدد محدود من المدافعين أو الممارسين الكبار في المهنة السوسيولوجية، ولا، على الرغم من تصويرها المستمر كـ "موضة"، يمثل الارتباط مع "SSK" إستراتيجية قوية للتقدم المهني.  

 


[1] إشارة خاصة يجب أن تعطى لعمل لينش "Lynch" (1993:Ch2-4)، ففي حين أنه يطرح موقفا قويا دفاعا عن مميزات "الإثنوميثودولوجي"، يقدم مسحا نقديا تفصيليا للاتجاهات الحديثة للدراسات الاجتماعية للعلم.

[2] كما أوضح أدناه العديد من علماء اجتماع المعرفة العلمية لم يكونوا مدربين منهجيا في إطار علم الاجتماع، ولا أنا أيضا. (تدريبي وأكثر أعمالي ينتمي إلى التاريخ أكثر من علم الاجتماع). مثل هذه الهواية تخون نفسها عادة بسذاجة، وبشكل أقل كثيرا في الرؤى العميقة الخاصة بالأساسيات. ولأنني لم أصل إلى علم الاجتماع من خلال المسار الطبيعي للمهنة، أجد نفسي "بشكل غير مهني" مهتما بقضية كيف نمتلك فهما سوسيولوجيا للعلم.

 

[3] يعتبر ظهور سلسلة حديثة عن التجربة العلمية نشرت في الإيكونوميست (Morton & Carr 1993) تعتمد بشكل أساسي على "SSK" مقياسا للنجاح المؤقت لهذه الاقتراحات.

[4] يستمر منظروا علم الاجتماع في الفترة الأخيرة في التعليق بشكل مركزي على العلم والتكنولوجيا في حين أنهم يتفاعلون بشكل جزئي، أو لا يتفاعلون على الإطلاق مع أدبيات "SSK" (على سبيل المثال: Bauman 1993:199-209, Giddens 1993:9-15, Bourdieu 1990, 1991 ).

[5] عندما تمت مراجعة التخصص أخيرا في هذه المجلة، أشار (HM Collins (1983a:272)) بوضوح إلى أن العلاقة بين "SSK" والتاريخ المرتبط به كانت سليمة وأن "الوصف الدقيق" للمجال "سوف يؤدي إلى التعامل مع تاريخ العلم بشكل مترابط". ومع ذلك، لم يحاول كولينز، رغم أن ذلك يضيق إلى حد كبير معالجته للدراسات الإثنوجرافية للعلم المعاصر، أن يقدم مثل هذا الوصف "الدقيق". قبل ذلك بعامين (Collins 1981a)، كان قد صرح أنه يشك في أن العمل التاريخي في إمكانه من حيث المبدأ أن يؤدي إلى نجاح الفهم الإثنوجرافي للعلم، وبعد ذلك بأربعة أعوام أعلن أن الدراسات التاريخية مثلت أفضل ما في "SSK". تغير الأحكام يمكن قراءته على أنه دليل موثوق به على تغير الحقائق.

[6] بالنسبة إلى تحليل للقول بأن "مصداقية اعتقادين مختلفين عن العالم يجب تفسيره باستخدام نفس المناهج": هو، إذن، أنه ليس ضروريا أن يكون مرادفا للقول بأنهما "صحيحان" بنفس القدر، أو أن العالم (العوالم) الذي يرجعان إليه (إليهما) متعددة. تقريبا كل "SSK" النسبويون يضعون جانبا الأسئلة الوجودية ويعاملون "أحكام الحقيقة" كموضوع للبحث أكثرها منها كمصدر. وبقدر ما كانت الأخلاقية محل اهتمام، الميل السائد هنا ليس الاحتفال باللامركزية الأخلاقية ولكن لتفسير كيف تحمل التصورات الأخلاقية المتعددة سمتها الإلزامية.

 

[7] ومع ذلك فإنه يمكن الإشارة إلى أن دراسة أي ثقافة لها معرفة غير معتادة – على سبيل المثال مشغلو الآلات، الجنود، الممرضات، أو ساحرو الآزاندي – تتطلب اجتهاد مشابه والتزام مشابه بالجوانب التقنية. ربما ليست "صعوبة" العلم، وإنما هيبته والخوف منه هو الذي يؤدي إلى مثل هذا القلق المبالغ فيه.

[8] المسح الكامل الحديث لهارييت زوكرمان (1988) لعلم اجتماع العلم هو، بالمقارنة، موضوعي ولطيف بشكل واضح بالنسبة إلى "SSK"، في حين أنها تبذل جهدا لاستيعاب هذا المجال في التقليد البنائي-الوظيفي والذي ترى دائما على أنها على خلاف معه. ويمكن لي أن أضيف، كمشارك، أنني بطبيعة الحال، راض تماما عن أن علم اجتماع المعرفة هو في آن واحد ممكن وضروري، وأنه قد راكم حجما كبيرا من الأعمال الإمبيريقية المتميزة.  بالمثل، أن راض أن هذا القدر – ليس بشكل كامل –  من النقد للـ "SSK" يستمر في التفاعل من تمثيل بليد – وربما متعمد – لمناهجه ودعاواه المركزية (cf Barnes 1994:22-25, Bloor 1991:163-85). ومع ذلك غرضي هنا ليس مجرد تكرار الحجج القديمة للدفاع عن "SSK" ولكن محاولة أن أشير إلى بعض سمات الإطار الثقافي الذي ينغرس فيه بعمق التمثيل الخاطئ له.

 

.

 



 

Steven Shapin , 1995, "Here and Everywhere: Sociology of Scientific Knowledge", Annual Review of Sociology volume 21, 1995, 289-321.

 

.

.