د. عبد الرحمن بدوي (1917 - 2002) أحد أبرز الفلاسفة المصريين في القرن العشرين و أغزرهم إنتاجا، ألف 150 كتابا، ويعتبر أول فيلسوف وجودي مصري، حيث تأثر بهايدجر.
نشأته و دراسته
ولد عبد الرحمن بقرية شرباص في دمياط، وكان والده عمدة القرية، وكان تسلسله الخامس عشر من بين 21 شقيقا وشقيقة. و أنهى شهادته الابتدائية في 1929 من مدرسة فارسكور ثم شهادته في الكفاءة عام 1932 من المدرسة السعيدية في الجيزة. و في عام 1934 أنهى دراسة البكالوريا حيث حصل على الترتيب الثاني على مستوى مصر، من مدرسة السعيدية، و هي مدرسة إشتهرت بأنها مدرسة أبناء الأثرياء والوجهاء. إلتحق بعدها بجامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم الفلسفة، سنة 1934، و تم إبتعاثه إلى ألمانيا والنمسا أثناء دراسته، و عاد عام 1937 إلى القاهرة، ليحصل فيمايو 1938 على الليسانس في الفلسفة بدرجة امتياز.
بعد إنهائه الدراسة تم تعيينه في الجامعة كمعيد و لينهي بعد ذلك دراسة الماجستير ثم الدكتوراه عام 1944 من جامعة القاهرة، و التي كانت تسمى جامعة الملك فؤاد في ذلك الوقت. عنوان رسالة الدكتوراة الخاصة به كان: "الزمان الوجودي" وقدعلق عليها طه حسين أثناء مناقشته لها في 29 مايو 1944 قائلا: "أشاهد فيلسوفا مصريا للمرة الأولى". و ناقش بها بدوي مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية والزمان الوجودي.
عمله الجامعي
عين بعد حصوله على الدكتوراه مدرسا بقسم الفلسفة بكلية الاداب جامعة فؤاد فيابريل 1945 ثم صار أستاذا مساعدا في نفس القسم والكلية في يوليو سنة 1949. ترك جامعة القاهرة (فؤاد) في 19 سبتمبر 1950، ليقوم بإنشاء قسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة عين شمس، جامعة إبراهيم باشا سابقا، وفي يناير 1959 أصبحأستاذ كرسى. عمل مستشارا ثقافيا ومدير البعثة التعليمية في بيرن في سويسرامارس 1956 - نوفمبر 1958
غادر إلى فرنسا 1962 بعد أن جردت ثورة 23 يوليو عائلته من أملاكها. عمل كأستاذ زائر في العديد من الجامعات، (1947-1949) في الجامعات اللبنانية، (فبراير 1967- مايو 1967) في معهد الدراسات الاسلامية في كلية الاداب، السوربون، بجامعة باريس، (1967 - 1973) في بالجامعة الليبية في بنغازى، ليبيا، (1973-1974) في كلية "الالهيات والعلوم الاسلامية" بجامعة طهران، طهران و (سبتمبر سنة 1974-1982) أستاذا للفلسفة المعاصرة والمنطق والاخلاق والتصوف في كلية الاداب،جامعة الكويت، الكويت. وأستقر في نهاية الأمر في باريس.
مشاركاته السياسية
كان عضوا في حزب مصر الفتاة (1938-1940) ثم عضوا في اللجنة العليا للحزب الوطنى الجديد (1944-1952)، و تم إختياره مع 50 شخصية، كعضو في لجنة الدستور التى كلفت في يناير 1953 لكتابة دستور جديد، والذي تم الإنتهاء منه فياغسطس 1954 لكن الدستور أهمل وإستبدل بدستور سنة 1956.
مذكراته
في عام 2000 نشر مذكراته في كتاب ضخم من جزئين، وصل عدد صفخاته إلى 768 صفحة، لدى المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وكان لنشر الكتاب صدى ضخم لدى الكثير من المثقفين المصرين وذلك لأن بدوي هاجم الكثير ممن أعتبرهم المثقفين العرب رموزا للفكر. كما هاجم بقوة النظام المصري و حكم جمال عبد الناصر موجها إنتقادات شتى. وعلق على حجم المشاركة في تشييع جنازة عبد الناصر بأن هذا "أمر عادي ولا يمت بصلة إلى وجود علاقة حب بين المصريين وعبد الناصر"، مشيرا إلى أن "هذه هي طبيعة شعب هوايته المشي في الجنازات". كما أتهم رموزا سياسية منهاسعد زغلول بالعمالة للبريطانيين، وطه حسين بالعمالة للأجهزة الأمنية، وأعتبر الطلاب جواسيس على بعضهم البعض، مشيرا إلى أن قيام عبد الناصر بتأميم قناة السويس كان سعيا وراء الشهرة.
أعماله
له ما يقرب من 200 كتاب حسب محمود أمين العالم بينما قال أحد ناشريه إن كتبه التي نشرها تجاوزت 150 كتابا منذ كتابه الأول عن نيتشه الذي صدر عام 1939. وهو الأمر الذي يؤكده ابن أخيه محسن بدوي حيث يقول في موقعه الإلكتروني: بلغت أعمال الدكتور عبد الرحمن بدوى سواء المنشورة أو غير المنشورة نحو 150 كتاباً منها أعمال منشورة بالفرنسية والإسبانية والألمانية والإنجليزية فضلا عن العربية.
وفاته
توفي في مستشفى معهد ناصر في القاهرة صباح الخميس 25 يوليو 2002 عن عمر يقارب 85 سنة. حيث كان قد عاد من فرنسا إلى مصر قبل وفاته بأربعة أشهر بسبب إصابته بوعكة صحية حادة, إذ سقط مغشيًا عليه في أحد شوارع باريس وأتصل طبيب فرنسي بالقنصلية المصرية بأن أمامه شخصًا مريضآ يقول إنه فيلسوف مصري يطلب مساعدتهم.