Arabic symbol

 

 

 

 

 

 

 

أهلا بكم من نحن فلاسفة أبحاث فلسفية الخطاب الفلسفي أخبار الفلسفة خدمات الفلسفة
فلاسفة العرب
 
بحث مخصص

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدكتور سمير أمين

 

سمير أمين (1931- 2018) مفكر اقتصادي ماركسي مصري معروف بنقده للعولمة الليبرالية الرأسمالية باعتبارها ترسخ التبعية للدول الصناعية الكبرى (المركز والأطراف) وبتقديم نظرية بديلة للتنمية ترتكز على الدور الذي تلعبه الدولة في تنظيم العمليات الإنتاجية والمالية وإدارة العلاقات مع العالم الخارجي لمصلحة المجتمع المحلي.

حياته

ولد سمير أمين في 3 سبتمبر 1931 في القاهرة، ابن لأب مصري وأم فرنسية كلاهما كانا طبيبين. قضى طفولته ومراهقته في بورسعيد، درس في مدرسة الليسيه الفرنسية حيث حصل على درجة الباكالوريا عام 1947. من 1947 إلى 1957، درس في فرنسا حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد (1957) سبقها بدبلومات في العلوم السياسية (1952) والإحصاء (1956).

بعد حصوله على الدكتوراه عام 1957 عاد أمين إلى القاهرة حيث شغل من 1957 إلى 1960 منصب مدير قسم الأبحاث لمنظمة التنمية الاقتصادية. كان التخطيط للتطور المستقبلي لمصر ذاهبا في طريق مضاد لرؤية أمين، لذلك ولأسباب سياسية غادر أمين القاهرة ليصبح مستشارا لوزارة التخطيط في باماكو (مالي) من 1960 حتى 1963. وكان هذا هو الوقت الذي كانت الكثير من الدول الإفريقية تحصل فيه على الاستقلال. في عام 1963 عرض على أمين منصب في المعهد الإفريقي للتنمية الاقتصادية والتخطيط (IDEP). من 1963 حتى 1970 عمل في هذا المعهد في داكار، والمقام بواسطة الأمم المتحدة، وفي نفس الوقت قام بالتدريس في جامعة بواتييه (University of Poitiers) ثم بعد ذلك في جامعات داكار وباريس (Paris VIII-Vincennes). في 1970 أصبح أمين مدير معهد IDEP، حيث بقي حتى 1980.

 عام 1980 ترك أمين IDEP وأصبح مدير منتدى العالم الثالث (Forum du Tiers Monde) ومركزه أيضا في داكار. هذا المنتدى هو منظمة غير حكومية (NGO) مهمتها الربط بين المشروعات، المؤتمرات، ومنصات النقاش عبر القاري عن قضايا التنمية من منظور أمريكا اللاتينية، إفريقيا وآسيا، ذات التوجه العولمي. في 1996 قبل أمين بالإضافة إلى ذلك رئاسة المنتدي العالمي للبدائل والذي يرى نفسه كمقابل للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، والذي قدم مانيفستو "هذا وقت إعادة مسار التاريخ" (Il est temps de renverser le cours de l’histoire).

يستعرض ديتر سنجاس الإنتاج العلمي لسمير أمين في تصديره للكتاب التذكاري عنه عام 2014 كما يلي،

 نشر سمير أمين ما يقرب من 50 كتابا؛ أكثرها ترجم إلى العديد من اللغات. كتابه المبكر الأكثر أهمية هو بدون شك "التراكم على الصعيد العالمي" ( (1970. علامة أخرى بارزة على الطريق كتابه "التنمية غير المتكافئة" (1973), والذي ترجم إلى العديد من اللغات. ما بين هذين الكتابين كان هناك العديد من المنشورات والتي تعامل فيها أمين في ضوء نظريته مع دراسات خاصة ببلاد معينة (في مصر، مالي، غينيا، غانا، دول المغرب، ساحل العاج، السنغال، وغرب إفريقيا عموما، والمنطقة العربية). "الطبقة والأمة في التاريخ والأزمة المعاصرة (1979)" هو منشور هام آخر يفتح منظورا على التاريخ العالمي وتاريخ التنمية يتعالى على المناقشات الضيقة عن نظرية التنمية. تحليل أمين عن البديل الاشتراكي للتنمية يمكن أن نجده في كتابه مستقبل الماوية (1981). بعد 1989 و 1990 نشر أمين عدة كتب عن العولمة وعن أزمتها الكامنة فيها (على سبيل المثال، امبراطورية الفوضى، 1991). كذلك قدم تقييم نقدي للمناقشات الجارية، خصوصا ردا على دوجمائية مابعد الحداثة، في "نقد روح العصر، 1997". كتابه "هيمنة الولايات المتحدة ومحو المشروع الأوروبي، 2000" هو دعوى بارعة "لمشروع أوروبي" كمعادل لهيمنة الولايات المتحدة غير القابلة للنقاش من أجل عدم التسليم أكثر من ذلك – كما في حالة حرب الخليج وحرب كوسوفو – لديكتاتورية واشنطن. فيما بعد تأسف أمين مرارا أن هذا المشروع الأوروبي المطلوب بشدة ظل ضعيفا وليس في وضع يمكنه من تطوير موقفه الذاتي العولمي. توصيف أمين هو أنه سقط بسبب الاستسلام للهيمنة الأمريكية. أعماله المتأخرة تطور نقده للرأسمالية ونقده لبنية القوة العولمية "أبعد من الرأسمالية الشائخة، (2002) ؛ وهي أيضا تتدخل في النقاش حول الحركات الثقافية والموضات الفكرية وما بعد الحداثة "الحداثة، الدين والديمقراطية، 2008". في كل منشوراته كان أمين محلل ذكي ولكنه في نفس الوقت كان دائما كاتبا سياسيا. 

مشروعه الفكري

1-   الجذور الفكرية

يستعرض ديتر سينجاس الجذور الفكرية لمشروع سمير أمين كما يلي،

ميوله السياسية، والتي كانت ظاهرة خلال فترة دراسته في المدرسة العليا، استمرت بشكل ظاهر في باريس – وهو ما لا يدعو للاندهاش، حيث كانت باريس دائما مدينة عالمية "metropolis"   مع حياة فكرية ذات فعالية عالية لا تقارن. كانت المدينة مكانا للقاءات العلمية للمفكرين والطلاب من كل أنحاء العالم، وليس فقط من المناطق الفرانكوفونية من أفريقيا. مباشرة بعد وصوله إلى باريس، انضم أمين إلى الحزب الشيوعي الفرنسي (PCF)  وبذلك أصبح بشكل طبيعي منخرطا في المناقشات السياسية والفكرية داخل الحركة اليسارية وفرقها المتعددة والتي هيمنت بعد ذلك على المسرح الفكري في المدينة الفرنسية العالمية لعدة عقود تالية.  ابتعاده لاحقا عن الماركسية السوفييتية ونموذجها التطوري كان متأثرا بخبرته خلال هذه السنوات المبكرة عندما كان أمين، مع طلبة آخرين من العالم الثالث، يقوم بتحرير مجلة الطلبة المضادين للكولونيالية (Étudiants Anticolonialistes). لم تكن هذه المجلة رائجة دائما لدى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي (PCF).   عددا من زملاء أمين في الكفاح اعتلوا مناصب قيادية في إدارات دول العالم الثالث المتحررة حديثا، خصوصا في إفريقيا.

في عام 1957 قدم أمين بحثه للدكتوراه، وكان أحد مشرفيه فرانسوا بيررو (François Perroux.).  اقترح أمين العنوان "في مصادر التنمية المنقوصة، التراكم الرأسمالي على المستوى العولمي". ولكن هذا العنوان كان حساسا جدا لباريس منتصف الخمسينيات من القرن العشرين. أقنعه مشرفوه بدلا من ذلك باختيار عنوان أقل مباشرة ووضوحا: "الآثار البنيوية للتكامل الدولي للاقتصادات الما قبل رأسمالية – دراسة نظرية للآليات التي أدت إلى تكون ما يسمى بالدول التحت-تنموية". في رسالته افترض أمين بشكل صحيح أن الفرضية بأن التنمية المنقوصة (under-development)  هي ناتج عن الرأسمالية لم تكن مطروحة فيما سبق من المنظور الذي يطرحه. فكرته الأساسية، كما قدمها عام 1957، كانت أن "الاقتصاد تحت التنموي" يجب أن يعتبر كوحدة مستقلة (تشير إلى ذاتها) ولكن فقط كلبنة في بناء اقتصاد رأسمالي عالمي، وأن هذه المجتمعات الهامشية (periphery) تتطلب تعديلات بنيوية دائمة بالنسبة لديناميات إعادة الإنتاج للمراكز العالمية الرأسمالية، أي الدولة الصناعية الرأسمالية المتقدمة.

يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار سياق الخمسينيات. رسالة أمين كانت حقا جديدة وأصيلة في الإطار العام للنقاشات عن النظرية والسياسات التنموية والتي كانت في بدايات مرحلتها الأولى للصعود: في هذا الوقت في أمريكا اللاتينية ما سمى ديسارروليسمو (desarrollisom) كان في مرحلة صعود، والتي تطورت أكثر بعد عقد من الزمان في مناقشات عن الاعتماد (dependencia). تحليل والرشتين (Wallerstein) للنظام العالمي جاء حتى بعد ذلك. ولكن حتى النظريات التقليدية للتنمية لم تكن بعد قد أصبحت ظاهرة؛ ممثليها قد تم تقديمهم بواسطة البنك العالمي (World Bank)  في عام 1984 في كتاب رواد التنمية (Pioneers in Development).   فقط بدءا من نهايات الستينيات أمكن ملاحظة أن المناقشات حول السياسات التنموية أصبحت تحظى بقوى دفع أساسية من قبل المؤسسات الدولية، مثل الأونكتاد (UNCTAD)، البنك الدولي، ومؤخرا  منظمة العمال العالمية (ILO).

لذلك من المدهش أن أمين أنتج في وقت مبكر مثل عام 1957 نقد دقيق وعميق لمواقف أتخذت من 10-20 سنة فيما بعد بواسطة خصومه الفكريين. كذلك امتد نقده إلى الماركسية السوفييتية ونموذجها التطوري "اللحاق تم التخطي" (catching up and overtaking). لم تلفت هذه الحقائق الانتباه في هذا الوقت لأن رسالة أمين لم تنشر حتى عام 1970 في شكل كتاب في إطار أوسع تحت عنوان التراكم على المستوى العولمي (Accumulation at the global level). 

2-   الدوافع نحو المشروع

بعد ذلك يعرض ديتر سينجاس في نفس المقالة صورة عامة للدوافع التي تحرك المشروع الفكري لسمير أمين على مدى ستين عاما،

 كان سمير أمين واحدا من مفكري العالم الثالث الأكثر أهمية والأكثر تأثيرا. على النقيض من الكثير من الباحثين في التنمية الذي ظهروا في كل من الدول الصناعية والنامية خلال ستة عقود تقريبا والتي تغطيها أعماله الواسعة، كان دائما يتخذ منظورا عولميا. التراكم على المستوى العولمي: هذا النموذج لتشخيص العلل في التاريخ، ديناميات بنية وتطور العالم ككل بدلا من قارات واحدة، المجتمعات أو المناطق أصبحت تمثل تحدي سياسي وتحليلي لكل من التفكير التحليلي والسياسي الحالي عن التنمية، خصوصا بالنسبة للمدارس التقليدية الجديدة (new-classical)  والماركسية السوفييتية.

في السياق الزمني لرسالته فحص سمير أمين ثلاث مشروعات اجتماعية:

الفوردية (Fordism) مع تبعة (على الأقل في أوروبا) دولة رفاهية اشتراكية ديمقراطية، النموذج السوفييتي كنقيض للتنمية الرأسمالية، و التنموية (developmentalism) كمشروع للتنمية بواسطة اللحاق. مبكرا في 1989-1990، ولكن بشكل خاص خلال التسعينيات وما بعدها، اختبر أمين فشل هذه المشروعات الثلاثة في عدد من المنشورات. دولة الرفاهية الاشتراكية الديمقراطية وآلياتها المنظمة تآكلت؛ إمكانيات التسيير السياسي من خلال الدولة تضاءلت بوسطة عولمة الرأسمالية، والأدوات المكافئة للسيطرة والتي لم يكن ممكنا ترتيبها سوى من خلال المنظمات الدولية لم توجد سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي. النموذج السوفييتي انهار بسبب تناقضاته الداخلية، وبشكل خاص بسبب أن الانتقال من الاقتصاد الواسع إلى الاقتصاد المركز فشل، وكان هذا (ضمن أسباب أخرى) ناتج آخر عن غياب الإصلاح السياسي. وبذلك كل الآمال التي عقدت على هذا النموذج البديل، والذي كان واسع الانتشار في دول العالم الثالث ولكنه لم يكن أبدا محل مشاركة بواسطة أمين، انهارت. أخيرا، جاء فشل "باندونج"، والذي نظر إليه كعلامة على منظومة "اللحاق" للتنمية. وهذا أنتج تمييز بين العالم الثالث إلى عدة مراكز والتي اعتبرها أمين دولا نصف-صناعية جديدة وإلى عالم "التهميش" الخاص "بالعالم الرابع" والذي يتضمن ليس فقط مناطق واسعة من القارات الجنوبية ولكن أيضا أجزاء من الدول الاشتراكية السابقة.

ليس من المستغرب أنه بسبب هذه التطورات وصف سمير أمين هذا الوضع ما أشار إليه بوضوح أحد كتبه على أنه "الصخب الكبير، 1991" (Le grand tumulte ,1991) و"إمبراطورية الفوضى، 1991". عالم بدون آليات منظمة موثوق فيها على المستويين الدولي والعالمي، بدون نموذج مقابل ملهم، وبدون أفاق واضحة لنجاح التنمية – عالم فيه تزايد مستمر للقطبية غير محتمل على المستوى الدولي وبين المجتمعات والذي يصبح بوليسي بشكل متزايد. في مثل هذا العالم أكثر الأوضاع سوءا تكون متوقعة، بدون ذكر مشكلات العالم الأخرى، مثل التغيرات المناخية العالمية.

بالنسبة لسمير أمين الأزمة الرأسمالية العالمية ازدادت شدة بشكل مستمر خلال الخمسة والعشرون عاما الماضية، على الرغم من مراحل متقطعة للنمو الاقتصادي والتي، عندما نظر إليها بشكل رجعي، لم تتغلب على التناقضات الجوهرية للنظام: الميل نحو الاستقطاب، نحو عدم المساواة، ونحو التهميش، والتي جميعها بدلا من ذلك تزايدت. خلال هذه المرحلة انتشر "الفيروس الليبرالي"، أي الميل نحو عدم تنظيم كل شيء (الفيروس الليبرالي، الحرب الدائمة وأمركة العالم، 2003). توقع أمين الأزمة المالية العالمية الناجمة عن الجمع ما بين ازدياد عدم المساواة في الأجور، عدم تنظيم أسواق المال، السلوك غير المسئول لمؤسسات ورجال الأعمال، وعوامل أخرى. على سبيل المثال عندما كتب مبكرا عام 2001: "ولكن الفقاعة المالية لا يمكنها أن تكبر بدون حدود: يوما ما سوف تنفجر. وهي مسبقا سببا للتخوف. لذلك بعض الإصلاحيين يقترحون تخفيض الخطر بواسطة إلغاء الحوافز على عمليات الاستثمار التوقعي قصير المدي، على سبيل المثال بواسطة ضريبة توبين الرائعة".

هذا التطور لسوق المال – محدوديته وتوسع ديناميته الذاتية بدون أي آلية للتصحيح الذاتي – هو مثال واقعي لما أسماه أمين "الهوس الأعمي بالسوق (fetishizing of the market). هذه والتطورات الكارثية الأخرى خصوصا خلال العقدين الماضيين هي ناتجة عن غريزة القطيع السياسية، خصوصا في سلوك المجتمعات الصناعية الرأسمالية القائدة. جميعهم اتبع الأرثوذكسية التي سادت العالم الأنجلو-ساكسوني "ليس هناك بديل"، وهذا قاد أمين إلى توصيف الهيمنة الأمريكية، ولكنها الآن ارتبطت بتطور "الإمبريالية الجماعية"، خصوصا بين مجتمعات الولايات المتحدة أو شمال أمريكا، الاتحاد الأوروبي، واليابان (the triad).  هذا النادي يحاول أيضا أن يحتكر مجالات الفعل التي لها علاقة بالمزيد من التنمية للعالم: التكنولوجيا، التدفقات المالية، الوصول إلى المواد الخام للعالم، وسائل الاتصال والإعلام، وكذلك أسلحة الدمار الشامل. يشترك مع هذا النادي في الإمبريالية الجماعية ما تسمي بأنصاف الأطراف. الانتقال من مجموعة الثمانية G8 إلى العشرين G20، كما حدث مؤخرا على الأقل فيما يخص القرارات المعلنة، يمكن أن يكون خطوة نحو التعاون المتبادل. باقي العالم سوف يبقى "الباقي". حيثما تجعله الاهتمامات السياسية ضروريا، هذه الدول سوف تبقى موضوع التدخل العسكري. ولكن بالوضع في الاعتبار الوضع الفوضوي في العديد من البلدان في العالم، التوقعات بتدخل ناجح وفعال بالمقارنة بالتكلفة تبقى فقيرة.

هل هناك طرق للخروج من هذا الوضع الكارثي؟ كان سمير أمين دائما ليس فقط محلل ثاقب البصر ولكن أيضا فاعل سياسي مع منظور واضح، هو ما أدى إلى ظهور برنامج عمل، يستعرضه ديتر سينجاس في النقاط التالية:

1-    هناك حاجة إلى "بداية جديدة نحو التنمية"، أي إلى تصور نقدي بديل للتنمية، لا يكون قائما على "التنمية من خلال اللحاق" ولكن موجه نحو بديل للتنمية غير رأسمالي. طبقا لأمين هذا سوف يكون "تنمية اشتراكية"، ولكن ليس بمعنى المشروعات الاشتراكية ذات الصيغة الواحدة للتنمية التي طبقتها الماركسية السوفييتية. هذه البداية الجديدة يجب أن ترتكز على الحركات الاجتماعية. وهذا الافتراض هو ما يمثل قوة الدفع لنشاطات أمين العالمية التي لا تضعف في المنظمات غير الحكومية المختلفة – لأن النخبة لا يتوقع أن تطرح مثل هذه البداية الجديدة.

2-    أكثر من ذلك، وفي اتساق منطقي، يجادل سمير أمين أنه بدون عملية الفصل (والتي هي ليست متماهية مع الانفصال) سوف لن تكون هناك بداية جديدة نحو التنمية. الفصل يعني جعل العلاقات الخارجية خاضعة لاحتياجات البنية الداخلية، وليس العكس، على سبيل المثال، لا توفيق من جانب واحد للاتجاهات السائدة على المستوى العولمي.

3-    يدعو سمير أمين بحماس إلى تحويل العالم إلى مناطق من أجل (عالم متعدد الأقطاب، 2005). هذا يمثل دعوة إلى "اعتماد ذاتي جماعي" ذو توجه مناطقي، كأساس لإعادة تشكيل بنية العلاقات العالمية وتنظيم الاحتياجات التي يتم الاتفاق عليها على المستوى العولمي.

ويضيف،

يمكن السؤال: هل هذه النقاط التي تشكل في مجموعها برنامج عمل، والتي عرضناها بإيجاز هنا، ليست سوى تعبير عن عالم مثالي "يوتوبيا"؟ إجابة أمين لهذا السؤال هي: نعم، ولكن هذه الاقتراحات التي تشير إلى الاتجاه إلى الأمام تتبع منطق "اليوتوبيا الخلاقة". "التاريخ ليس محكوما بالخطوات المتتالية غير القابلة للخطأ لقانون الاقتصاد الخالص". لقد خلق بواسطة ردود الأفعال الاجتماعية لهذه الميول التي تعبر عن نفسها في هذه القوانين والتي تحدد الشروط الاجتماعية والتي في إطارها تعمل هذه القوانين. قوى اللاتماثل لها وقع وتؤثر أيضا في التاريخ الحقيقي وكذلك المنطق الصرف للتراكم الرأسمالي.

تعرض سمير أمين خلال حياته إلى مثل هذا المنطق البوليسي المعارض، وشارك بنفسه بشكل مقنع في النقاشات محل الجدال حول هذا النوع من المنطق على المستوى العالمي.

2- منهجه

المنهج الذي يتبعه سمير أمين هو على العموم المنهج الماركسي (المادية التاريخية) ولكنه يرتكز أيضا على أسس منهجية علمية تحليلية إمبيريقية (أي تجريبية بالمعنى الاجتماعي) يقوم من خلالها بتحليل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بشكل دقيق. يقدم ديتر سينجاس في تصديره للكتاب التذكاري عن سمير أمين، السابق الإشارة إليه، صورة للناحية المنهجية لأمين كما يلي،

سمير أمين هو مفكر متميز ذو أفق عالمي حقيقي مع إنتاجية كبيرة. عمله العلمي يتغلب على التخصص الزائد الذي يميز العديد من المخططين والمنظرين للتنمية. مقاربتهم العلمية الضيقة، تشبثهم بالنماذج هو أمر غريب عن أمين. قدرته على القيام بأبحاث قائمة على الأدلة ، من المنظورين التاريخي والمقارن، بكل معنى الكلمة هو أمر نادر فعلا. تأخذ تحليلاته في الاعتبار دائما الظروف الاجتماعية-البنيوية والاعتبارات المتعلقة بالقوة السياسية، وميوله، إيديولوجياته وطرق التفكير الخاصة به تشير إلى الطريق إلى الأمام، وهذا جعله مصدر إلهام لا ينضب من خلال مقاربة تاريخية-مادية ترفض الأرثوذكسية والدوجمائية. القوة الدافعة لأمين كانت دائما ملاحظة التوجهات الجديدة للتنمية ومراجعة موقفه الشخصي، إنشاء حوارات، والانخراط في تلك الجارية. مصدر هذه القوة الفكرية والسياسية الدافعة كان الرغبة المستمرة في المعرفة والميول الجدلية التي تمتد من المساهمات التحليلية إلى التطورات التاريخية العالمية لما قبل ظهور الرأسمالية حتى التفكير في موضوعات مشروعات التنمية في أضيق سياقاتها. يمثل عمله أشكال من النقد الإمبيريقي الجذري للرأسمالية، ولكنه أيضا يقدم اقتراحات رائدة للمستقبل المطلوب. كما جادل سمير أمين مرة، أنه لم يكن أبدا ما يسمى "tiers-mondiste" (أي تركيز أعماله فقط على قضايا العالم الثالث)، ولكنه كان دائما "mondiste"  مع توجه عولمي. هذا – وليس هذا فقط – يميزه عن الكثير من هؤلاء الذين يحوزون على أماكن بارزة في "ًWho’s Who"  (من هو) للنظرية الاجتماعية والتنموية، وفي الفترة الأخيرة للتحليل العالمي. إنجازاته العلمية عبر حياته الطويلة تظهر حرية في التفكير تقاوم دائما مختلف الموانع.

من الزاوية الأكثر تدقيقا يقدم سمير أمين المنهج الذي اتبعه في مشروعه في مقدمة عمله "قانون القيمة المعولمة" بعنوان "ماركس بلا ضفاف"، حيث يقدم نفسه باعتباره مطورا للنظرية الماركسية فيمتد عنده النقد الماركسي للرأسمالية إلى امتدادتها العولمية. كذلك يوسع مفهوم استغلال رأس المال من استغلال أصحاب رأس المال للطبقات الفقيرة (البروليتاريا) إلى استغلال الدول الرأسمالية (الإمبريالية العالمية، المركز) للدول الفقيرة (دول الجنوب، الأطراف). وهذا يتطلب تطوير قانون القيمة عند ماركس إلى قانون القيمة "المعولمة"، أي كيف تتمكن الدول الإمبريالية العالمية بشكل منهجي من تحقيق تراكم رأسمالي من خلال استغلال دول الجنوب . كما يتطلب قبول فكرة الدولة المؤسسة على طبقة وطنية من أصحاب رأس المال في إطار الدولة الاشتراكية، وهذا أيضا يعد نوع من الخروج عن الإطار الضيق للماركسية التي تعارض مفهوم الدولة لصالح الأممية البروليتارية.

يقدم أمين أولا جوهر أفكارماركس في السطور التالية،

ماركس هو أول من وجه انتقادا راديكاليا للعالم الحقيقي في زماننا هذا. وهذا الانتقاد الراديكالي للرأسمالية يسمح، بل يتطلب اكتشاف أساس الاستلاب السلعي واستغلال العمل اللصيق به. وتنبع القيمة الأساسية لمفهوم القيمة من ذلك الانتقاد الجذري. وهو وحده الذي يسمح باستيعاب القوانين الموضوعية التي تتحكم في إعادة إنتاج النظام، والقائمة تحت تلك التحركات فوق السطح التي نشاهدها عند متابعة الواقع. ويضيف ماركس إلى انتقاده للعالم الواقعي، انتقاد الخطابات بشأن هذا الواقع سواء منها الفلسفية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو التاريخية، أو السياسية. وهذا الانتقاد الجذري يكشف طبيعتها المدافعة، في نهاية المطاف، عن شرعية ممارسات قوة رأس المال المسيطرة.

بعد ذلك يطرح رؤيته في كيفية البناء على هذه الأفكار بحيث يمكن تطويرها كما يتطور الواقع، أي تحويلها من تصورات دوجمائية مغلقة إلى تصورات مفتوحة (بلا ضفاف)،

أن يكون المرء ماركسيا يعني استكمال العمل الذي بدأه ماركس، حتى وإن كانت تلك البداية في منتهى القوة، إنه لا يعني التوقف عند ماركس بل البدء من عنده. وماركس ليس نبيا استنتاجاته جميعها "صحيحة" و"نهائية" وعمله ليس نظرية مقفلة، فماركس "بلا ضفاف"، لأن الانتقاد الذي بدأه بلا ضفاف يحتاج دوما للاستكمال والانتقاد (الماركسية كما تتشكل في لحظة معينة يجب أن تخضع للانتقاد الماركسي). والماركسية يجب أن تغني نفسها دائما بالانتقاد الجذري، وأن تعتبر أية تجديدات ينتجها النظام كميادين جديدة للمعرفة الإنسانية.

ولكن ماركس ترك مدرسة، وقد سارت المدارس الماركسية التاريخية على خطاه، ولكنها تواجهت وتقاتلت (بضراوة أحيانا) كما يحدث بين المدارس الدينية، ولكن تأويلاتها بطبيعتها "ضد الماركسية". والماركسي لا يمكن إلا أن يكون ماركسيا مستقلا، ولكن حتى وقت قريب كان هؤلاء الذي يحاولون أن يكونوا مستقلين تصفهم مدارس الماركسية التقليدية بأنهم منحرفون، ولعل وضعهم لم يعد بهذا السوء حاليا.

وهذه الماركسيات التاريخية التي أصفها بالشائعة والتي احتلت واجهة المسرح كانت توجه بصفة عامة خطابين:

فهناك من جهة علم الاقتصاد الصحيح الذي ينتقد ويكمل العلم الاقتصادي الريكاردي الذي يعتبر غير كاف، ويعارض بشكل مطلق علم الاقتصاد المسمى بالنيوكلاسيكي، وهو خطاب أيديولوجي لا قيمة له. وهناك من الجهة الأخرى علم المجتمعات وهو المادية التاريخية مبني على مفهوم أساسي وهو أن صراع الطبقات هو المحرك للتاريخ. وهذا الجناحان للماركسية مكملان الواحد للآخر، وتنبع وحدتهما من الفلسفة المادية الجدلية. ولا ننوي هنا أن ندحض هذه القراءة للماركسية وأن نقدم قراءة بديلة لها، وإنما سنكتفي بدراسة كيف ترتبط قوانين الاقتصاد وصراع الطبقات في إطار الرأسمالية.

والعنوان الفرعي لكتاب رأس المال، وهو: "انتقاد للاقتصاد السياسي" لا يعني أنه انتقاد لاقتصاد سياسي سيء (ريكاردي) ليحل محله اقتصاد سياسي جيد (ماركسي)، بل هو انتقاد لما يسمي بعلم الاقتصاد، وإظهاره على طبيعته الحقيقية (أي ما تقوله البرجوازية عن طبيعة ممارساتها). وهو انتقاد كذلك لقيمة هذا الاقتصاد من الناحية المعرفية، وكشف لمحدوديته، ودعوة لفهم أن هذا العلم المزعوم المدعي بأنه مستقل عن المادية التاريخية، لا يمكن أن يكون مستقلا عنها.

بعد إثبات إمكانية النظر إلى الفكر الماركسي باعتباره فكرا منفتحا قابلا للإضافة والتطور، يطرح أمين جوهر فكرته في البناء على هذا الفكر كمايلي،

وأطروحتي هي الآتي: أ) أن المادية التاريخية هي جوهر الماركسية، ولذلك: ب) فالوضع المعرفي لقوانين الاقتصاد الرأسمالي يجعلها خاضعة لقوانين المادية التاريخية؛ ج) وأنه في ظل الأسلوب الرأسمالي للإنتاج، تتخذ قوانين الاقتصاد وضعا نظريا يختلف عنه في ظل الأساليب السابقة على الرأسمالية؛ د) بل إن قوانين الاقتصاد لم تظهر إلا مع النظام الرأسمالي للإنتاج؛ هـ) وأن قوانين الاقتصاد الرأسمالي لها وجود موضوعي؛ و) وأن هذه القوانين تخضع، في التحليل الأخير، لقانون القيمة.

وهكذا في رأيي أن الصراع الطبقي في ظل الرأسمالية عامة، وفي العالم الإمبريالي خاصة، يعمل على أساس اقتصادي محدد، وبدوره يغير ذلك الأساس.

وسنعالج هذه المفاهيم في الكتاب بالترتيب العام التالي: 1) التراكم في نظام الإنتاج الرأسمالي (الفصل الأول)؛ 2) التوازن النقدي ونظرية معدل الفائدة (الفصل الثاني)؛ 3) تقاسم الناتج الفائض بين الرأسماليين والملاك العقاريين ونظرية ريع الأرض (الفصل الثالث)؛ 4) التراكم على المستوى العالمي في النظام الإمبريالي، وتراتب أسعار قوة العمل والريع الإمبريالي (الفصل الرابع).

يضيف أمين مؤسسا إضافاته للفكر الماركسي،

بدأت قراءتي المدققة لكتاب رأس المال وغيره من أعمال ماركس وإنجلز مبكرا في خلال دراستي الجامعية (1948-1955). كذلك قرأت أعمال الاقتصاديين الذين انتقدهم ماركس (سميث وريكاردو وباستيات وساي وغيرهم) بعناية مفضلا ذلك على الاكتفاء بالاطلاع على أطروحاتهم كما ترد في الدراسات الجامعية للاقتصاد. وقراءتي لماركس كانت بالتأكيد مصدرا لكثير من الرضا، كما أكدت قوة هذا الفكر، ولكن بقي شعور بعدم الاكتفاء لأنني لم أجد لدى ماركس إجابة شافية بشأن "تخلف" مجتمعات آسيا وأفريقيا المعاصرة. كذلك لم يشف غليلي قراءة تلك الأعمال التي لم تنشر بالفرنسية إلا متأخرة في عام 1960 (الجروندريسي).

وبدلا من الابتعاد عن ماركس واعتباره متخلفا عن زمننا، توصلت إلى النتيجة بأن عمله لم يكتمل، وأنه لم يجمل البعد العالمي في تحليله. وذلك من جهة لأنه لم يدخل في تحليله البعد العالمي للرأسمالية، ومن جهة أخرى لم يربط بين مسألة السلطة (السياسي) وبين الاقتصاد (الرأسمالي وما سبقه من أشكال).

وباعتبار أن النقص في الفكر الماركسي كان متركزا على غياب تفسير تخلف مجتمعات آسيا وإفريقيا (أي دول العالم الثالث)، فيصبح بديهيا أن يحاول أمين أن يسد هذا النقص. فتوسعت فكرة المقابلة بين العامل وصاحب رأس المال، فأصبح "العامل" هو "دول العالم الثالث، الأطراف"، وأصبح رأس المال هو "دول العالم الرأسمالي، المركز"، وأصبحت قضية "فائض رأس المال" قضية "التنمية غير المتكافئة". يبين ذلك كما يلي،

وقد تركز تفكيري على قضية التنمية (غير المتكافئة) التي تميز واقع الرأسمالية العالمية كما تشهد على ذلك رسالتي للدكتوراة المقدمة عام 1957 وعنوانها "التراكم على المستوى العالمي". وكانت هذه نقطة البداية لأعمالي في خلال الخمسين عاما التالية، ولن اعدد هنا مراحل هذا التفكير، مكتفيا بالإشارة لكتبي التالية: "التنمية غير المتكافئة" (1973)، و"المبادلات غير المتكافئة" (1973)، و"قانون القيمة والمادية التاريخية" ( 1977).

ومستفيدا من أسلوب ماركس الصارم، قرأت بعناية الأعمال الأساسية للاقتصاد الشائع المنتجة بعد ماركس وخاصة لبوم بافيرك، وفالراس، إلى كينز، ممن وضعوا أسس الاقتصاد الشائع "الذاتي". وبدأت هذه القراء الانتقادية أولا في أطروحة "التراكم" في 1957، ثم في "التنمية غير المتكافئة". وأقنعتني قراءة هذه الأعمال بالطبيعة الأيديولوجية، بالمعنى الوظيفي، للاقتصاد البرجوازي، التالي للماركسية والمعادي لها.

لم يكتف ماركس بالرد النظري على سابقيه، ولكنه واجههم بكمية كبيرة من الوقائع المرتبة. ولذلك رأيت ان الرد النظري على الاقتصاديين البرجوازيين غير كاف، وانه من الضروري التجميع المنظم للوقائع التي تكشف المسار المعولم للرأسمالية. وقد بدأت بجمع هذه المواد في كتاب "التراكم" ثم تابعتها مع كتب السبعينيات. وقد أعطيت عناية خاصة للتطورات الجارية في تلك الفترة، والخاصة بالصحوة الأولى لبلدان الجنوب، والمتمثلة في مرحلة باندونج ( 1955-1980).

وبعد ذلك توجهت دراساتي في اتجاهين: الأول هو اقتصاد التنمية من جهة، وتعميق تحليل الأسواق (ودور التوقعات) من جهة أخرى. وبدا لي الاتجاه الأول باهتا لا يتجاوز بالكاد مفهوم "المراحل الضرورية للنمو والتي لا يمكن تجاوزها". وقد قدمت انتقادا جذريا لهذه الرؤية الميكانيكية الشائعة حتى قبل أن يعبر روستوف عن انتقادها في عام 1960. ولم يحدث أبدا بعد ذلك أن تجاوزت الهيئات المنوطة بخدمة هذه السياسات (البنك الدولي، وبرامج "التعاون"، أو الجامعات) هذه الترهات.

أما الاتجاه الثاني فقد كان متابعة هذا الانحراف الشائع حتى نهايته المنطقية – وهي مفهوم "الأسواق المعممة" – وهي بناء اقتصادي خيالي لا علاقة له بالرأسمالية كما هي في الواقع. والنهاية الضرورية لهذا الانحراف هي الوصول للمفهوم الفارغ والخيالي عن "التوقعات". وفي الوقت نفسه يجمع هذا الانحراف الذي يدعي أنه تجريبي كمية متزايدة من الوقائع غير المتجانسة ليضمنها في أطروحاته. واستخدام المعالجة الرياضياتية ليس مرفوضا في ذاته، ولكن التعقيد المتزايد لهذه المعالجات لا ينفي الطابع غير المنطقي والفارغ للمسائل التي يثيرها مستخدموها، وهي "التوقعات".

ومع ذلك فلا الانتقاد الذي وجهته للنظريات الشائعة و"تطبيقاتها"، ولا الأطروحات المضادة التي وجهتها في المقابل بإدخال الوقائع المرتبة المجمعة في نظرية عامة تصف الرأسمالية المعولمة كما هي في الواقع، بدت لي كافية لفهم حقيقة التنمية غير المتكافئة بشكل كامل.

والواقع أن الربط بين البعد السياسي/الأيديولوجي/الثقافي والبعد الاقتصادي هو المحور الأساسي للقراءة المادية التاريخية التي لا مهرب منها. وفي هذا المجال، فإن قراءتي لماركس أقنعتني بأن قراءة هذه الصياغات المبكرة تدعو للتجرؤ على التقدم للأمام. وقد حاولت ذلك، أولا باقتراح مفهوم "نظام الإنتاج الخراجي"، كالأساس لعائلة كبيرة من المجتمعات الطبقية المتقدمة السابقة للرأسمالية، حيث يقف الارتباط السلطة السائدة/ الاقتصاد المسود، في مواجهة الارتباط العكسي في المجتمعات الرأسمالية. واستنتجت من ذلك بعض النتائج المهمة بشأن اشكال التغريب في المجتمعات التاريخية القديمة، والمجتمع الرأسمالي الحديث. وللبحث عن حركة التناقضات الملموسة التي تعمل داخل هذه المجتمعات لتسريع أو إبطاء التقدم نحو الرأسمالية، حاولت الربط بين المسائل المثارة في المادية التاريخية وتلك المتعلقة بالبعد الاقتصادي، وهذا هو ما تكشفه قراءة الكتابين "التنمية غير المتكافئة"، و"قانون القيمة والمادية التاريخية". وذلك يؤكد ما سبق أن قلته من أنني كماركسي لا أتوقف عند ماركس أو عند لاحقيه (لينين وماو) من بناء الماركسيات التاريخية، بل أبدأ من عنده.

وفي النهاية يستعرض أمين جوهر مساهمته في الإضافة إلى الفكر الماركسي وما ترتب عليها من نتائج في السطور التالية،

والمحور الأساسي لنتائج محاولتي هو وضع "قانون للقيمة المعولمة" يتمشى من جهة مع أسس قانون القيمة الخاص بالرأسمالية كما اكتشفه ماركس، ومن الجهة الأخرى مع واقع التنمية المعولمة غير المتكافئة. وهو ما أجرؤ أن اصفه – دون تواضع كاذب – بمساهماتي المتعددة في إثراء ماركسية بلا ضفاف، خاصة فيما يتعلق بأهميتهما بالنسبة لإدراك طبيعة وحجم التناقضات الرئيسية والصراعات المرتبطة بها في إطار الرأسمالية المعاصرة.

وفي إطار هذه المساهمات المتناثرة لم أتردد في "استكمال" أطروحات ماركس، بل حتى في "تصحيحها". وأشير لدور الائتمان في تحقيق التراكم (وردا على تساؤل روزا لوكسمبورج بشأن تحقق فائض القيمة)، وكذلك لتحليلي بشأن تحديد معدل الفائدة وريع الأرض واقتراحاتي البديلة في هذا المجال. وأحيل القارئ فيما يتعلق بهذه القضايا إلى كتابي "التنمية غير المتكافئة".

وإضافتي الرئيسية تتعلق بالانتقال من قانون القيمة إلى قانون القيمة المعولمة على أساس التراتب المعولم لأسعار قوة العمل حول قيمتها. وعولمة القيمة هذه، وبجانبها الممارسات المتعلقة بالحصول على الموارد الطبيعية، هي أساس الريع الإمبريالي. وأدعي أن هذا هو المحرك للتناقضات الفعلية للرأسمالية/الإمبريالية كما هي في الواقع، والصراعات المرتبطة بها التي تشتبك فيها الطبقات والأمم بكل الارتباطات المركبة الخاصة بها. وأدعي أن قراءتنا لتاريخ القرنين العشرين والواحد والعشرين لن تخرج عن تاريخ ظهور أو "صحوة" شعوب وأمم تخوم النظام الرأسمالي الإمبريالي المعولم.

وهناك، ولا شك، مساهمات أخرى كثيرة لماركسيين غيري تغني مفهوم ماركس بلا ضفاف، ولكن هذا ليس المجال لتعدادها.

ويبدأ تحليلي النظري للنظام الرأسمالي المعولم كما هو في الواقع من قانون القيمة كما وضعه ماركس في الجزء الأول من كتاب رأس المال. وهذه هي نقطة البداية الوحيدة الصحيحة؛ إذ بدون مفهوم القيمة لا يكون هناك معنى لمفهوم تراكم رأس المال. وهكذا لا يمكن الهروب من الالتفاف عن طريق القيمة، والاكتفاء بمراجعة الواقع المباشر (الأسعار الفعلية) كما تقضي أساليب الدراسة الوضعية/التجريبية.

وهكذا فالتحليل الذي سأقدمه سينظر في المراحل الثلاث لتحول القيمة: 1) إلى "أسعار الإنتاج"؛ 2) ثم إلى "أسعار السوق" (وهي الأسعار الاحتكارية في ظل الرأسمالية المعاصرة)؛ 3) ثم إلى "الأسعار المعولمة" (في ظل النظام الإمبريالي المعولم).

وأول هذه التحولات، وهو الذي ورد في الفصول الأولى من الجزء الثالث من كتاب رأس المال، لا غنى عنه لفهم الاستلاب السلعي الذي يتحكم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ظل الرأسمالية، والذي يعطي القوانين التي تتحكم في إعادة إنتاجها مكانتها الحقيقية.

أما ثاني هذه التحولات المتعلق بتحول أسعار الإنتاج إلى أسعار السوق، فقد عالجه ماركس جزئيا في الجزء الثالث من رأس المال، عندما تحدث عن توزيع فائض القيمة في حالة ملكية الأرض الزراعية.

علينا بعد ذلك أن ندرس تشوه نظام الأسعار الناتج عن ظهور الاحتكارات، وبصفة خاصة أن نأخذ في الاعتبار التحول الخطير في نظام إعادة الإنتاج الموسع الذي نتج بعد الحرب العالمية الأولى، وأكثر بكثير بعد الحرب العالمية الثانية، من التوسع الكبير في قطاع ثالث لامتصاص فائض القيمة الفائض. وقد رد باران وسويزي بمفهوم الفائض الذي قدماه على التحدي، وأغنيا النظرية الماركسية ووسعاها بلا تردد. وأدعي أن أولئك الماركسيين الذين يرفضون الاعتراف بالأهمية المركزية لمساهمة باران وسويزي تنقصهم القدرة على التقدم بانتقاد فاعل للرأسمالية المعاصرة، وتبقى ماركسيتهم محصورة في التعليق على نصوص ماركس، وشرحها.

 والهدف المركزي لتأملاتي هو التحول الثالث الذي يسمح لنا بالانتقال من قانون القيمة في أعلى مستويات التجريد (أي النظام الرأسمالي للإنتاج) إلى ما أسميه قانون القيمة المعولمة الذي يعمل على مستوى نظام الرأسمالية/الإمبريالية المستقطب والقائم بالفعل. وهذا التحول وحده هو الذي يسمح لنا بقياس حجم الريع الإمبريالي الذي هو أساس الاستقطاب الذي يعمقه ويعيد إنتاجه التوسع المعولم للرأسمالية.

ومن المستحيل "فهم العالم" عن طريق تحليل واقعي للرأسمالية كما هي في الواقع بعيدا عن إطار معالجة هذه التحولات في مفهوم القيمة. وكذلك لا يمكن وضع استراتيجية "لتغيير العالم" دون الاستناد لهذه الأسس. وفي المقابل لا تسمح أساليب الوضعية/التجريبية للاقتصاد الشائع بفهم العالم وتقدير التحديات التي تواجه العمال والشعوب، ولا من باب أولى بتغييره. وفضلا عن ذلك فالاقتصاد الشائع لا يحاول تجاوز الرأسمالية التي يعتبرها "نهاية التاريخ" بل يحاول فقط إسباغ الشرعية على المبادئ الأساسية للرأسمالية، ووصف كيفية إدارتها.

وأعتقد أن هذا العمل الذي يعتمد كثيرا على كتابي "قانون القيمة والمادية التاريخية"، يأتي في الوقت المناسب، لأن الأزمة الحالية تدور أساسا حول التطورات المختلفة الممكنة للعلاقات الاجتماعية والدولية التي تتحكم في شكل قانون القيمة تحت التأثير المجمع للصراعات في مجتمعات الرأسمالية المعاصرة في بلدان المركز والتخوم. وكذلك تحت تأثير الصراعات بين مجتمعات الإمبريالية السائدة ومجتمعات التخوم المسودة، وهي الصراعات التي تطعن في السيطرة المستمرة لما أسميه "الرأسمالية المتأخرة (المعاصرة) للاحتكارات المعممة والمأمولة والمعولمة".

3- نظريته في التنمية

تتركز إذن مساهمة أمين في نظريته للتنمية التي ترتكز على عناصر أساسية من الفكر الماركسي وكذلك على عناصر أساسية لتصوراته عن تطوير الفكر الماركسي، وكذلك على التحولات المعاصرة في الفكر الرأسمالي وتطوراته الواقعية. هذه النظرية تناثرت في عدد كبير من أعمال أمين على مدى حوالي خمسون عاما. يقدم ديتر سينجاس في تصديره للكتاب التذكاري عن سمير أمين المشار إليه تصورا موجزا للعناصر الأساسية لهذه النظرية كما يلي،

ماذا إذن كانت إضافة أمين إلى للتحليل العولمي والتنموي: إضافة العالم، المحلل المعاصر، والمناقش صاحب الفكر الثاقب، ولكن دائما من زاوية منظور سياسي مبني على معرفة؟

من الزاوية التاريخية العولمية التنمية هي مفهوم مطابق للتنمية الرأسمالية. ولكن بالاختلاف مع ماركس والاقتصاد البورجوازي اعتمد أمين دائما على ملاحظة أن الرأسمالية الحقيقية لا يمكن تحليلها إلا من منظور عولمي. لذلك عنوانه بين للآخرين الطريق الذي يلزم اتباعه:  التراكم على المقياس العالمي (L’accumulation à l’échelle mondiale). على أية حال، لا يفترض أمين أن نهب القارات الجنوبية خلال المرحلة الكولونيالية والمركانتية المبكرة سببت طفرة نحو الرأسمالية الزراعية والصناعية ضمن البلاد الصناعية الناجحة المبكرة. ولا يفترض هو أيضا أن التطور الصناعي فيما ما يسمى المراكز أو المدن المتروبوليسية (أي الحضرية) للرأسمالية كان يمكنها أن توجد بدون الأطراف في القارات الجنوبية (مناطق الاحتلال، الإمبراطوريات غير الرسمية، الخ). خلال المرحلة المبكرة من التنمية الرأسمالية الزراعية والصناعية، والتي كانت ناجحة فقط في أوروبا، هذه العملية كانت تسهل وجود أطراف ولكنها لم تكن سببها الوظيفي. ديناميات التنمية للمراكز نتجت عن ديناميات تراكم محايثة والتي كانت خلفياتها البنيوية والسياسية ناتجة عن ثورة زراعية كنتيجة لعملية تفكيك الإقطاع. هذا أنتج تصنيع متزامن أو متوالي أدت أولا إلى إنتاج منتجات بسيطة وغير معمرة للسوق الواسع؛ من خلال ذلك، وفي نفس الوقت أو بعد ذلك بقليل، تطور نظام رأسمال جديد؛ منتجات قطاع رأس المال هذا زادت انتاجيتها بشكل كبير في القطاعين الزراعي والاستهلاكي وبعد ذلك أيضا في قطاع رأس المال.  بالنسبة لأمين، من المهم ملاحظة من منظور تطوري علماني أن المراكز الأوروبية للتطور الرأسمالي، كنتيجة لصراعات سياسية ناجحة، زيادة في الأجور الحقيقية تبعت الزيادة في الإنتاجية للاقتصاد ككل؛ هذا سهل خلق دينامية للسوق المحلي والتي حفزت زيادة الإنتاجية في كل القطاعات. هذه الدينامية كانت قد خلقت مبكرا جدا في الولايات المتحدة وفي المستوطنتين الأوروبيتين لأستراليا ونيوزيدلندا بواسطة النقص النسبي للعمالة.

وكما أن دينامية التراكم الحضري لا يمكن تفسيرها فقط من خلال الاقتصاد وإنما أيضا من خلال تحليل التنمية الاجتماعية-البنيوية ومجموعات النزاعات السياسية (الصراعات السياسية ذات التبعات التاريخية والمبدأية المفتوحة)، لذلك دينامية التراكم في الأطراف لا يمكن تصورها فقط من خلال الاقتصاد. بالنسبة لأمين هي انبثقت بحيث أن الأطراف كأراض خارجية، كمناطق معزولة عن المراكز الرأسمالية، كانت مجبرة على التكامل ضمن تقسيم دولي غير متكافئ للعمالة، وكنتيجة لذلك تطورت بنية من الاعتماد المتبادل غير المتماثل. بطريقة مختلفة عن كيف أن فكرة الثنائية تقبع خلف نظريات التحديث، هذا النوع من التكامل في السوق العالمي يقود إلى تقوية صورة "الهامش"، حيث أنه كنتيجة لدينامية التراكم التي تسود في الأطراف خزان العمالة الرخيصة والتي سوف تستمر كذلك لا ينضب، بغض النظر عما إذا كان في الواقع الاقتصاد في في المناطق المعزولة مبني على الزراعة أو استخراج المعادن، أو في المراحل الأولى للتصنيع ("تصنيع بديل للمستورد"، التصنيع من خلال استبدال المستورد من أجل تشجيع الإنتاج المحلي).

لماذا لا يضمحل خزان العمالة الرخيصة؟ لماذا لا يحدث توازن بين تطور الإنتاجية والأجور في مناطق الأطراف؟ لماذا لا يحدث انتشار واسع وتركيز لرأس المال؟ الإجابة يمكن أن نجدها في نموذج ديناميات تراكم الأطراف الذي يطوره أمين تدريجيا كنتيجة لدراسات حالة للعديد من البلدان ومستخدما عددا كبيرا من الملاحظات المقارنة. هذه الحقائق يمكن وصفها ببساطة نسبيا: دينامية التراكم الخاص بالأطراف هي دينامية منحرفة بشكل منهجي منتظم. كخلفية لها هي تفتقر إلى ثورة زراعية بالمعنى الواسع. هي تكتسب ديناميتها من خلال اقتصاد تصدير يعتمد على المناطق المعزولة (exclaves)  المقابل لها هو قطاع استيرادي "للسلع الرفاهية" التي تعرف على أنها الطلب القادم من الجزء المستهلك من المكسب. ما ينقص في هذا النوع من ديناميات التراكم هو "تنمية مركزية تلقائية": التغذية الراجعة غير الممكن تفاديها لقطاع واسع لبضائع المستهلك وقطاع للمعدات الرأسمالية (أي للمعدات التي كان يتم إنتاجها محليا) المعتمدة على زيادة الإنتاجية الزراعية.

من هذا يصبح واضحا أنه بالنسبة لسمير أمين سؤال الزراعة كان ولا يزال له علاقة استراتيجية مركزية بالنسبة للتنمية. الكثير من دراساته الإمبيريقية تعاملت مع هذه الإشكالية. وكناتج غير ممكن تجنبه، بالنسبة له سؤال الزراعة لم يكن فقط سؤال في توزيع الأرض ولكن يمكن أيضا أن يفهم كمشكلة كيف يمكن أن تنبثق الوثوقية القانونية لهذا القطاع (حقوق الملكية) ولأي درجة يمكن لقطاع صناعي مكافئ أن يكون مستعدا، وأن يكون قادرا، على إمداد بضائع ومعدات البنية التحتية التي تسمح بتطور دينامية القطاع الزراعي. 

من تحليل أمين يمكن القول بأن الانتقال من دينامية التراكم في الأطراف إلى تنمية اقتصادية على أساس رأسمالية حضرية يبقى غير محتمل إن لم يكن غير ممكن. يترتب على ذلك دعواه بالفصل (decoupling)  . الفصل، على ذلك، يعرف بأنه تسليم العلاقات الخارجية للدولة لمنطق تنمية داخلية حقيقية. وهذا هو على النقيض من التوجه السائد لمناطق الأطراف، والتي يجب أن ترضي احتياجات الرأسمالية الحضرية مع تبعات استقطاب لا يمكن تجنبه للرأسمالية الحالية على المستوى العولمي: صياغتها لرأسمالية مناطق حضرية ومناطق أطراف معتمدة عليها. مثل هذه الاستراتيجية المتمثلة في التنمية "المركزية التلقائية" من خلال "الفصل" لا يمكن تصورها بدون تدخل فاعل بواسطة الدولة. على هذا دور الدولة بالاشتراك مع الأحزاب الاشتراكية المهتمة، أن تجد هذه الاستراتيجية الهجين التي يجب أن يكون هدفها هو الاستخدام الانتقائي للفرص في السوق العالمي – طالما كانت متوافقة مع مشروع الدولة نفسه – من أجل تدعيم ديناميات التنمية بالمعنى الواسع.

بالنسبة لأمين كان واضحا أن هذا البديل للتنمية (الفصل وليس الانفصال) يتضمن شروطا سياسية مسبقة مقابلة. الدول التي قام بتطبيق دراسة الحالة عليها، في البداية كانت محدودة بشمال وجنوب الصحراء الأفريقية، علمته أن مثل هذه النخبة، أي، بورجوازية وطنية متوجهة نحو مشروع وطني، لم تكن موجودة ولم تكن تمر بعملية تشكل. بدلا من ذلك، رأي في كل مكان تخلق بورجوازية كومبرادورية (او وكلاء محليين للرأسمالية العالمية). هذه البورجوازية الكومبرادورية – وكان هذا مثبتا بواسطة المادة الإمبيريقية – لا ترى مستقبلها سوى في تكامل دولها في إطار سوق رأسمالي عالمي له بنية غير متوازنة، حيث أنهم يستفيدون بشكل مباشر من هذا التكامل. لا يمكن للفصل أن يكون أداة سوى لنوع من التنمية له توجهات مختلفة – لتنمية تتجاوز الرأسمالية (بما في ذلك تنويعاتها المتمثلة في الدولة الاشتراكية). هذه الاعتبارات حفزت أمين ليحلل بالتفصيل الاستراتيجية الصينية للتنمية. 

هذا النموذج للتنمية، والذي حسنه أمين باستمرار وصححه على المستوى التفصيلي، يتناقض بشكل مباشر مع نموذج التنمية التطورية الخطية. مقاربته تحدت البديل التطوري للبورجوازية أو التقليدية الجديدة (neoclassical)  لنظرية التنمية. عارض أمين بشكل مباشر مفهوم التطورية" الديسارروليسمو" desarrollismo)  ) والتي ظهرت من خلال مدرسة CEPAL  (المفوضية الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي). هو اعتبر أنه على الرغم من أن هذا الأخير هو تصور معقول (وعلى الرغم من أنه ليس مقنع بشكل كامل) ولكن سياسيا هو وهم. مع هذا النموذج، عارض أمين أيضا الأيديولوجية التنموية للماركسية السوفييتية والتي جذبت الكثير من التعاطف ضمن النخبة الجديدة في العالم الثالث خلال مرحلة الاستقلال وكذلك خلال مرحلة ما بعد الكولونيالية وسنوات بناء الدولة. نتيجة ذلك كانت أن أمين، خلال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين كان شاكا بشكل كبير وناقدا بشكل جذري لعدد من البرامج البارزة لسياسات التنمية والتخطيط: على سبيل المثال النظام الاقتصادي العالمي الجديد (ومفاهيمه التشغيلية)، استراتيجية الاحتياجات الأساسية، وبرنامج منظمة العمال العالمية  ILO للقطاع غير الرسمي. 

من منظوره، الهدف لا يمكن أن يكون "اللحاق ثم التجاوز" ولكن فقط شكل آخر من التنمية: "فعل شيئ آخر" : استراتيجية تنموية مختلفة لهؤلاء المجموعات من السكان، الذين كانوا واقعين تحت التهميش والتفرقة بشكل منتظم ، تتطلب تسييسهم وتحولهم إلى الديمقراطية. بعد تحرر الناس كنتيجة للصراع الناجح للاستقلال، ركز أمين الآن على الحركات الاجتماعية الثورية، ثورة الجماعات الكبيرة. التنمية الاقتصادية كانت دائما ولا تزال بالنسبة لأمين اقتصاد سياسي وأكثر من ذلك عملية ثورة ثقافية، لأن "فعل شيء آخر" ليس ممكن تصوره بدون وعي سياسي مقابل.

أهم أعماله

كتب بالفرنسية

 

1. L’Egypte nassérienne, Editions de Minuit, 1964. (with the pseudonym Hassan

Riad), Translation into Spanish.

2. Trois expériences africaines de développement : le Mali, la Guinée et le

Ghana, Paris, PUF, 1965.

3. L’économie du Maghreb, Paris, Editions de Minuit, 1966,

Vol. 1 : La colonisation et la décolonisation;

Vol. 2 : Les perspectives d’avenir.

Translation into Polish.

4. Le développement du capitalisme en Côte d’Ivoire, Editions de Minuit, 1967,

2 Ed. Postface 1971.

5. Le monde des affaires sénégalais, Editions de Minuit, 1969, Translation into

Japanese.

6. Du Congo français à l’UDEAC, histoire économique de l’Afrique Equatoriale

18801968, Paris-Dakar, Anthropos, 1979, in collaboration with Catherine

Coquery.

7. Le Maghreb moderne, Paris, Editions de Minuit, 1970. Translation into English,

Arabic.

8. L’accumulation à l’échelle mondiale, critique de la théorie du sous-développement,

Anthropos, 1970, Coll. 10–18. Translation into English, Spanish, Italian,

Arabic, Swedish, Greek, Serbo-Croatic, Japanese, Chinese, New Edition with

preface, Economica 1988.

9. L’Afrique de l’Ouest bloquée, l’économie politique de la colonisation 1880

1970, Editions de Minuit, 1971. Translation into English.

10. Le développement inégal, Editions de Minuit, 1973. Translation into English,

Arabic, Spanish, German, Portuguese, Greek, Italian, Korean, Danish, Japanese,

Chinese.

11. L’échange inégal et la loi de la valeur, Anthropos 1973, with a contribution

by J.C. Saigal. Translation into Italian, Spanish, English, Arabic, Japanese.

New edition, Econo-mica, 1988.

12. La question paysanne et le capitalisme, in collaboration with Kostas Vergopoulos,

Anthropos 1974. Translation into Spanish, Portuguese.

13. La crise de l’impérialisme, in collaboration with Faire, Hussein and Massiah,

Editions de Minuit, 1975. Translation into Spanish, Greek, Italian, Danish,

Portuguese, Arabic.

14. L’impérialisme et le développement inégal, Editions de Minuit 1976. Translation

into Portuguese, Greek, Japanese.

15. Impérialisme et sous développement en Afrique, Anthropos, 1976. New Edition,

Economica 1988.

16. La nation arabe : nationalisme et luttes de classes, Editions de Minuit 1976.

Translation into English, Arabic, Japanese.

17. La loi de la valeur et le matérialisme historique, Editions de Minuit, 1977.

Translation into English, Portuguese, Greek, Japanese, Spanish, Arabic.

18. Classe et nation dans l’histoire et la crise contemporaine, Editions de Minuit

1979. Translation into English, Spanish, Arabic, Japanese, Portuguese, Greek.

19. L’économie arabe contemporaine, Editions de Minuit, 1980. Translation into

English, Danish, Arabic, Japanese, Portuguese.

20. L’avenir du maoïsme, Editions de Minuit 1981. Translation into English,

Arabic, Korean, Japanese, Portuguese, Turkish, Bengal.

21. Irak et Syrie 19601980, Editions de Minuit 1982.

22. La crise, quelle crise? Maspero 1982, in collaboration with G. Arrighi, A. G.

Frank and I. Wallerstein. Translation into English, Spanish, German, Turkish.

23. La déconnexion, pour sortir du système mondial, La Découverte 1985.

Translation into Spanish, Italian, English, Japanese.

24. L’eurocentrisme, critique d’une idéologie, Economica 1988. Translation into

English, Spanish, Italian, Japanese, Portuguese, Norwegian, Turkish, Chinese.

25. La faillite du développement en Afrique et dans le tiers monde, L’Harmattan,

1989. Translation into English, Spanish.

26. Le grand tumulte ? La Découverte 1991, in collaboration with G. Arrighi, A.

G. Frank and I. Wallerstein. Translation into English.

27. L’Empire du chaos, La nouvelle mondialisation capitaliste, L’Harmattan

1991. Translation into English, Arabic, Spanish, German, Turkish.

28. Itinéraire intellectuel, Regards sur le demi-siècle 19451990, L’Harmattan

1993. Translation into Arabic, English, Italian, Spanish, Turkish, Chinese.

29. L’Ethnie à l’assaut des Nations, avec une contribution de Joseph Vansy,

L’Harmattan 1994.

30. La gestion capitaliste de la crise, L’Harmattan 1995. Translation into Italian.

31. Les défis de la mondialisation, L’Harmattan 1996. Translation into Spanish,

Italian, German, Portuguese, Chinese.

32. Critique de l’Air du Temps, L’Harmattan 1997. Translation into English,

Italian, Tutkish, Greek, Spanish, Arabic, Chinese.

33. L’hégémonisme des Etats-Unis et l’effacement du projet européen, L’Harmattan

2000. Translation into Italian, German, Spanish, Chinese, Greek, Arabic.

34. Au delà du capitalisme sénile, pour un XXI ème siècle non américain, PUF

Actuel Marx 2002. Translation into English, Arabic, Spanish, Greek, German,

Polish, Japanese, Italian

35. Le virus libéral, la guerre permanente et l’américanisation du monde; Le

Temps des Cerises, Paris 2003. Translation into Arabic, English, Italian,

Spanish, Turkish, Swedish, Russian, Portuguese, Chinese, Polish.

36. Le monde Arabic, enjeux sociaux et perspectives méditerranéennes; in collaboration

with Ali El Kenz, L’ Harmattan, 2003. Translation into Arabic,

English, Swedish, Italian.

37. Pour un monde multipolaire; Syllepse 2005. Translation into English, Spanish.

38. Pour la cinquième internationale; Le temps des cerises, 2006. Translation into

Italian, Spanish, English, Turkish.

39. Du capitalisme à la civilisation; Syllepse 2008. Translation into Spanish,

English, Turkish.

40. L’ éveil du Sud, Panorama politique et personnel de l’ère de Bandoung; Le

temps des cerises, 2008.

41. Modernité, Religions, Démocratie, Critique de l’eurocentrisme, Critique du

culturalisme; Parangon, 2008. Translation into Turkish, English.

42. Sur la crise, sortir de la crise du capitalisme ou sortir du capitalisme en crise;

Le Temps des Cerises, Paris 2009. Translation into Spanish, Italian, English.

43. La loi de la valeur mondialisée; Le temps des cerises, 2011. Translation into

English, Arabic, Spanish, German.

44. Samir Amin, intellectuel organique au service de l’émancipation du Sud;

Entretiens et textes choisis par Demba Moussa Dembélé, Codesria 2011.

45. Délégitimer le capitalisme; Contradictions, Bruxelles 2011.

46. Le monde arabe dans la longue durée, le printemps arabe ? le Temps des

Cerises 2011. Translation into English, Spanish, Italian.

47. L’implosion du capitalisme contemporain, Automne du capitalisme, printemps

des peuples ? Delga 2012

كتب بالإنجليزية

 

 

1. The Maghreb in the Modern World, Penguin, 1970.

2. Neo colonialism in West Africa, Penguin, 1973.

3. Accumulation on a World Scale, 2 vol. Monthly Review Press, New York, 1974.

4. Unequal Development, Monthly Review Press, New York, 1976.

5. Imperialism and Unequal Development (includes “The end of a Debate”),

Monthly Review Press, New York, 1977.

6. The Arab Nation, Zed, London, 1978.

7. The Law of Value and Historical Materialism, Monthly Review Press, New

York 1978.

8. Class and Nation, Historically and in the current crisis, Monthly Review

Press, New York, 1980.

9. The Arab Economy today, Zed, London 1982.

10. Dynamic of Global Crisis, Monthly Review Press, 1982, in Collaboration

with G. Arrighi, A. G. Frank and I. Wallerstein.

11. The Future of Maoism, Monthly Review Press, New York 1983; simultaneously

Daanish Books, India 2002

12. Eurocentrism, Monthly Review Press, New York, 1989.

13. Delinking, towards a polycentric world, Zed, London 1990.

14. Maldevelopment, Anatomy of a global failure, Zed, London 1990.

15. Transforming the Revolution, Monthly Review Press, 1990, in collaboration

with G. Arrighi, A. G. Frank and I. Wallerstein.

16. The Empire of Chaos, Monthly Review Press, New York 1992.

17. Re-reading the Post War period, An intellectual Itinerary, Monthly Review

Press, New York 1994.

18. Capitalism in the Age of Globalisation, Zed, London 1996. Translation into

Spanish, Turkish, Italian.

19. Spectres of capitalism, A critique of current intellectual Fashions, Monthly

Review Press, New York 1998; simultaneously Daanish Books, India, 2002

20. Obsolescent capitalism, Zed 2003.

21. The liberal virus; Pluto, London 2004.

22. Beyond US hegemony; Zed, London 2006; simultaneously Daanish Books,

India 2006.

23. A life looking forward, Memoirs of an independent Marxist; Zed, London

2006. Translation into Spanish.

24. The world we wish to see : revolutionary objectives for the 21st Century; MR

Press, NY, 2008.

25. From Capitalism to civilisation, Reconstructing the socialist perspective; Tulika

Books Delhi, 2010.

26. Ending the crisis of capitalism or ending capitalism? Pambazuka, Oxford 2010.

27. Global History, A view from the South; Pambazuka, Oxford 2010.

28. Eurocentrism (new enlarged ed); MR Press, NY and Pambazuka, Oxford 2010.

29. The law of worldwide value; MRPress, NY 2010.

30. Maldevelopment, Anatomy of a Global Failure; Fahamu Books, Oxford 2011.

31. The peoples’ spring, the future of the Arab revolutions; Fahamu 2012.

كتب بالأسبانية

 

1. Hassan Riad, Egipto, fenomeno actual, Nova Terra, Barcelona, 1969.

2. Categorias y Leyes fundamentales del capitalismo, Nuestro Tiempo, Mexico, 1973.

3. El capitalismo periferico, Nuestro Tiempo, Mexico, 1973.

4. Desarrollo desigual, Nuestro Tiempo, Mexico, 1973.

5. Capitalismo periferico y comercio internacional, Ediciones Periferia, Buenos

Aires, 1974.

6. El desarrollo desigual, ensayo sobre las formaciones sociales del capitalismo

periferico, Libros de confrontacion, Barcelona, 1974.

7. Elogio del socialismo, El capitalismo: una crisi estructural, Feminismo y

lucha de clases (Con Eynard y Stuckey), Ed. Anagrama, Barcelona, 1975.

8. La acumulation en escala mundial, Siglo XXI, Buenos Aires y Mexico, 1975.

9. Sobre la transicion, Ed. Zero, Madrid, 1975.

10. Los Angeles, U.S. of Plastika, Es una crisis del imperialismo, Vocaciones universales

y areas culturales, Ed. Anagrama, Barcelona, 1975.

11. Classes y naciones en el materialismo historico, El Viejo Topo, Barcelona, 1979.

12. La ley del valor y el materialismo historico, Fonda de cultura economica,

Mexico, 1981.

13. La deconnexion, hacia un sistema mundial policentrico, IEPALA, Madrid, 1988.

14. El Eurocentrismo—Siglo XXI, Mexico, 1989.

15. Capitalismo y sistema mundo, Lafarga edicions, Barcelona, 1993.

16. El Juego de la Estrategia en el Mediterraneo, IEPALA, Madrid, 1993.

17. El Fracasso del desarollo en Africa y en el Tercer Mundo, un analisis politico,

IEPALA, Madrid, 1994.

18. Los desafios de la mundializacion, Siglo XXI, Mexico, 1997.

19. El capitalismo en la era de la globalizacion, Paidos, Barcelona, Buenos Aires,

Mexico, 1998.

20. Los fantasmas del capitalismo, El Ancora, Bogota, 1999.

21. Miradas a un medio siglo, Itinerario intellectual 19451990, IEPALA,

Madrid; Plural—La Paz, 1999.

22. El hegemonismo de los Estados Unidos y el desvanecimiento del proyecto

europeo; Ed. El Viejo Topo; Madrid 2001.

23. Critica del nuestro tiempo; Siglo XXI, Mexico, 2001.

24. Mas alla del capitalismo senil; El Viejo Topo, Barcelone 2003.

25. El imperialismo colectivo; CTA, Buenos Aires 2004.

26. Por un mundo multipolar; El viejo topo; Barcelona 2005.

27. Clases sociales, naciones, estados en la historia universal; Ed Garetto,

Argentina 2005.

28. El desarrollo desigual; Ed Garetto, Argentina 2005.

29. El intercambio desigual; Ed Garetto, Argentina; 2005.

30. Sobre el desarrollo desigual en la historia universal; Ed Garetto, Argentina 2005.

31. El virus liberal; Ed Garetto, Argentina 2006; Hacer, Barcelone, 2007.

32. Por la quinta internacional; El viejo topo, Barcelone 2007.

33. Memorias; El Viejo Topo, Barcelona, 2008.

34. Transiciones y alternativas en debate; America latina en movimiento, n° 436, 2008.

35. El imperio del caos, la nueva mundializacion capitaliste; IEPALA, Madrid 2008.

36. El socialismo del siglo XXI, Reconstruir la perspectiva socialiste; IEPALA,

Madrid 2009.

37. La crisis, salir de la crisis del capitalismo o salir del capitalismo en crisis; El

Viejo Topo, Barcelone, 2009.

38. Primavera arabe, El mundo arabe en la larga duracion; El Viejo Topo,

Barcelone 2011.

 

أبحاث

Economic Globalism and Political Universalism: Conflicting Issues?, Journal of World System Research, 2000.

U.S. Imperialism, Europe, and the Middle East, Monthly Review, Nov. 2004

حوارات

مقالات عنه

نصوص

مصادر

 

تحرير: سمير أبو زيد