جريدة البداية
10 سبتمبر 2014
قال المفكر الماركسي سمير أمين إن الدول العربية تعيش في ظل عسكرة العولمة .. جاء ذلك خلال حفل توقيع كتابه «قضايا الشيوعية المصرية.. وثائق الحزب الشيوعي المصري»، بدار العين بحضور الباحثة الاقتصادية الدكتورة شاهندة الباز والدكتور جلال أمين، وحلمي شعراوي والدكتور نبيل عبد الفتاح.
وقال الدكتور نبيل عبد الفتاح ان هذا الكتاب يحتوي على وثائق هامة ليست فقط للحركة الشيوعية ولكنها للتاريخ المصري ولعلاقة القوي السياسية بالحكم، التي يبدو انها تتكرر الآن بشكل ما، وأضاف نبيل الكتاب يتناول ايضاً اطروحات سمير امين حول العولمة وحالة التسارع الكبير في وتيرتها في الفترة الأخيرة وكيف انعكست العولمة على المجتمعات العربية.
وقال عالم الاقتصاد والمفكر الماركسي الكبير سمير أمين، إن هناك تناقضاً كبيراً بين نمط العولمة الاقتصادية المسيطرة على العالم و منطق الدولة الوطنية و القومية، وهذا التناقض يؤدي الى تصفية كيان الدولة، وأضاف "أمين" أن العولمة ظاهرة قديمة قدم الإنسانية، لكنها دخلت في مرحلة جديدة انطلاقاً من التغيير الذي حدث في الفترة من 1975 – 1990 ، وأن هذا التغيير في الكيف، هو المسيطر على الأمور حتى الآن.
وأضاف "أمين" نحن نعيش في المنطقة العربية في ظل نظام جديد من العولمة وهو ما يمكن ان نسميه بـ"عسكرة العولمة"، مشيراً الى ان هناك تحالف عولمي بين دول الخليج وإسرائيل وامريكا، للعمل على نشر نموذج على اوساع نطاق في الدول العربية الأخرى والعمل على تفتيت مفهوم الدولة الوطنية.
وأوضح المفكر الكبير أن هذا التغيير أدى الى تمركز السيطرة على رأس المال الاحتكاري، وسيطرة الاحتكارات المعممة على جميع النظم الإنتاجية الحالية، وأن هذا يعني امتصاص الفائض المنتج و تحوله الى ريع احتكاري أو استعماري، و من ثم يحدث التفاوت الكبير في الأجور.
وتابع: هذا النمط من العولمة الاقتصادية المسيطر على العالم، لا مستقبل له،
لأنه يؤدي الى تصفية كيان الدولة، والمجتمعات حتى الآن لا تعرف طريقة أخرى
للعيش خارج اطار الدولة، فلا يوجد تصور لإدارة المجتمع دون دولة، و لا يمكن
ادارته من خلال المنظمات الأهلية أو السوق، و هذا التناقض أعتقد بل أؤكد أنه
قاتل لهذا النمط من العولمة.
و ذكر "أمين"
أن تاريخ مصر الحديث به فترتي صعود، الفترة الأولى منذ عهد محمد علي حتى عهد
الخديوي إسماعيل أي منذ عام 1805 و حتى 1879، و المرحلة الثانية للصعود كانت في
الفترة من 1919 – حتى وفاة جمال عبدالناصر 1970، لافتاً الى مرحلة ردة طويلة
بين المرحلتين، تم فيها اعادة هيكلة المجتمع المصري بصفته منتمي الى التخوم
التابعة لنمط العولمة، و إعادة هيكلة الاقتصاد لكي يكون خاضع للنمط الجديد من
العولمة و لكي لا يصبح طرف فاعل في هيكلتها.
وأشار العالم الكبير إلى أن مطالب وطموحات المصريين واحدة منذ قرنين، و تتمركز
في " الرغبة في تحقيق الاستقلال الوطني، بمعنى أن تصبح مصر قادرة على أن تصبح
فاعل في تكوين العولمة، و التقدم الإجتماعي و هو في رأيه جزء من الحركة الشعبية
في إطار الرأسمالية الحديثة نحو الاشتراكية، أو بمعنى أوضح "العدالة
الإجتماعية"، و ثالثاً الرغبة في الوصول الى الديمقراطية"
وعن المرحلة الناصرية قال "أمين" إن الفترة من 1952 – 1955 لم تكن تمثل مشروعاً
وطنياً أو قومياً، مؤكداً أن مصر في تلك المرحلة كانت تحاول أن تتكيف مع
العولمة، بفتح الباب لرؤوس الأموال الأجنبية بالدخول الى السوق المصري.
و ذكر "أمين" أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لم يكن يدرك خطورة الإمبريالية
الأمريكية حتى مؤتمر باندونج، مؤكداً أنه كان يرى – في تلك الفترة- أن بريطانيا
هي العدو الحقيقي، رغم أنها في ذلك الوقت كانت دولة امبريالية في الأفول، و
كانت الولايات المتحدة هي القائدة للإمبريالية العالمية.
و في نهاية اللقاء الذي جمع الكثير من القامات الثقافية و السياسية، أكد " المفكر الكبير" أنه لا تغيير من دون الخروج من النمط الجديد من العولمة الإقتصادية و كذلك التخلص من الممارسات النيوليبرالية.