الدكتور حسام
الألوسي
الدكتور
حسام الألوسي (1934-2013) مفكر عراقي متخصص في الفلسفة الإسلامية من أصحاب الاتجاه
الماركسي وفلسفة العلم.
الدراسة
والمناصب
العلمية
حصل
الدكتور الألوسي على ليسانس الفلسفة جامعة بغداد عام 1956 ثم دكتوراه في الفلسفة
عام 1965 من جامعة كمبردج. عمل أستاذا للفلسفة في جامعات
بغداد، ليبيا، الكويت، صنعاء، وعمل مستشارا للعديد من المجلات
العلمية.
مشروعه
الفلسفي
يدور
المشروع الفلسفي للدكتور حسام الألوسي حول معالجة قضايا الفكر الإسلامي انطلاقا من
منظور عقلاني حداثي، وباستخدام المنهج الجدلي التاريخي الاجتماعي، ويهدف من ذلك إلى
تصحيح نظرتنا للتراث الفكري والفلسفي الإسلامي. وبالتالي
يعتبر مشروع الدكتور حسام مشروعا نقديا، يحاول أن يمهد الطريق نحو ظهور فلسفة أصيلة
وجديدة عربية معاصرة. ذلك أن تصحيح نظرتنا إلى التراث، انطلاقا من فكرنا المعاصر،
يؤدي تلقائيا إلى زيادة حرية الفكر، وبالتالي ظهور أفكار إبداعية
جديدة.
فيما
يخص القضية الجوهرية في فكره يذكر الدكتور حسام في
"تجربتي الفلسفية"،
مجال
الفكر الفلسفي العربي والإسلامي: هذا هو ميداني الخاص... بالنسبة لكتاب دراسات في
الفلسفة الإسلامية فهو مجموعة بحوث. وكل منها يفتح نتائج جديدة ويؤشر مسارات ويصحح
أحكاما ويصح ذلك على بحثنا فيه عن الغزالي مشكلة وحل وبحثنا نظرية الفيض للفارابي
بمنظور معاصر نقدي، وكذلك بحثنا فيه عن تقسيم العلوم ونشأة الفكر العربي
الإسلامي... كل كتبي ليست تاريخا للفلسفة، بعضها فيها
تاريخ ولكن ليس للتاريخ بل للوصول إلى أهداف أخرى...
قدمت
عدة دراسات عن التراث العربي عن العقل العربي الكلامي، عن تجليات هذا العقل
وفاعليته من جهة، وعن تكون عقلانية صلبة ضد التنوع والاجتهاد لاحقا... ما إشكالية العقل العربي؟ ما طبيعة المنتوج الفلسفي العربي
الإسلامي القديم وما إنجازاته؟، مثل بحث إشكالية الكلام العربي أو بحث نماذج وصور
من العقل والعقلانية للعقل العربي وطورناه في بحث طويل بعنوان (الإبداع في العقل
العربي) وبحثان عن الاستشراق، وهذه كلها ترسم منهجنا والنظرة إلى التراث والمعاصرة
وهما بالتأكيد لا تريا عن الحاضر ومعطياته بديلا.
يهتم
الدكتور حسام بفلسفة العلم، خصوصا فيما يخص قضايا فلسفة العلم التي ترتبط بشكل أو
بآخر بقضيته الأساسية وهي تصحيح فهمنا لتراثنا الفكري، يذكر ذلك في "تجربتي
الفلسفية"،
عنايتي
بفلسفة العلم، كتابنا المخطوط "في الفلسفة العلمية وكتابنا في التطور بجزأين"
والبحوث المنشورة مثل "نظرية التطور في إطاره التاريخي والنقدي" و"عالم يتغير"
و"الآثار الاجتماعية لنظرية التطور"، و"الزمان في فلسفة العلم" ، و"المكان في فلسفة
العلم" وبحثنا "الفلسفة والعلم تكامل لا تضاد"، وكذلك حضور مستوى العلوم في دراستي
لكل عصر أو فيلسوف أو مذهب عرضته.
ونظرة
حسام الألوسي إلى العلاقة بين الفكر الإسلامي وبين الفكر الغربي تنطلق من مفهوم
التكامل والتواصل بين الجانبين. فهو من ناحية يعتمد مفهوم التقدم "الخطي"
للإنسانية، وهو مفهوم حداثي. ولكنه من ناحية أخرى يعارض مفهوم المركزية الأوروبية
وأن الفكر الإسلامي لم ينطو على فكر فلسفي أصيل، وأن قيمته تتركز في حفظه للفلسفة
اليونانية في العصر الوسيط، وهو مفهوم حداثي أيضا.
في
مقدمة كتابه "الزمان في الفكر الديني والفلسفي وفلسفة العلم"، الصادر عام 2005،
يعرض لقضية العلاقة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي. ويرى أن كل من الفكر الغربي الحديث والفكر المسيحي الوسيط قد
اخذ الكثير من التصورات الفلسفية من الفلسفية الإسلامية، خصوصا في قضية الزمان
وأدلة وجود الله وقدم العالم والعديد من المشكلات الأخرى،
إن
هذا المثال البسيط يعطي قوة لبداهة فكرة التواصل الفلسفي – والتي هي ليست من
البداهة في شيء عند بعض أصحاب المناهج والمنظرين. وقد فكرت طويلا في هذا التماثل
الكامل للفكر القديم حول الزمان أو بالأحرى مشكلاته بقدر ما يتعلق الأمر بتناهيه أو
لاتناهيه. وبقدر ما يتعلق الأمر بعلاقة الزمان بالله، وبأهمية رأي وحجة أوغسطين في
تصور الزمان، والتي ستكون مفتاح التصور للكثير من الناظرين في حقيقة الزمان من
المحدثين. أقول نظرت وفكرت في هذا التماثل الصارخ، فوجدت أن الهوة ما زالت كبيرة
تاريخيا بين الفكر الفلسفي القديم والوسيط وبين الفكر الحديث منذ ديكارت وليبنتز
فيما بعد. وأعني بالضبط، أنه لم توجه عناية كافية لدراسة أثر الفكر الفلسفي الوسيط
وعلى الأخص الإسلامي في الفلسفة الحديثة. من المؤكد أن دين الفلاسفة الوسيطين من
مسيحيين ويهود للفلاسفة المسلمين كبيرا جدا، أو لا بد أن يكون كذلك؛ إن كثيرا من
تعمقات الفلاسفة المحدثين، ليبنتز مثلا في مسألة الترجيح بلا مرجح لإثبات قدم الفعل
(العالم) مع الفعال (الله)، وقد أشرت إلى إنجلز وكانت، أقول أن الكثير من هذه
التعمقات، بل المفتاح الرئيسي أو نقطة المركز في المعالجة موجودة عند فلاسفتنا،
وموجودة بشكل أبسط عند الفلاسفة المسيحيين، خصوصا توما الأكويني، والمدارس المختلفة
في جامعة باريس، سواء مع أو ضد ابن رشد.
ولا
بد من إيضاح شيئين هنا حتى يفهم القارئ ما نريد:
الأول:
إن القارئ الغربي الأوروبي ربما تصور أن ما جاء به الفلاسفة المسيحيون الوسيطون هو
ابتكار خاص، في مقابلة تبني الفكر اليوناني، ومن حقه أن يثني على هؤلاء الوسيطين،
طالما أنه يجهل دور الفكر الفلسفي الإسلامي. وبدون تحفظ أقول ينبغي على الدارسين
الآن توجيه اهتمام زائد لدراسة جزئيات الفكر الوسيط المسيحي، لمعرفة ما أخذه من
فلاسفتنا، وعندي الدلائل المقنعة ضمن دراساتي التخصصية في مشكلة الوجود وقدم وحدوث
العالم عند الفلاسفة المسلمين، ومن خلال اطلاعي الشخصي القاصر على الفكر المسيحي
الوسيط.
الثاني:
أن القارئ الأوروبي ربما تصور خطأ آخر مزدوجا، وهو أن يكون ما جاء به الفلاسفة
الأوروبيون المحدثون منذ بعد عصر النهضة حول مشكلة الوجود ومتعلقاته، ونحدد لنكون
أكثر أمانا من الأحكام المبتسرة، أقول ربما تصور أن يكون ما جاء به الفلاسفة
المحدثون هو ابتكار خالص لهم، طالما أنه يجهل أو يزدري الفكر المسيحي الأوروبي
الوسيط.
وإذن
فالعملية هنا كبيرة، والمطلوب هو:
أولا:
تشخيص الجزئيات التي أخذتها الفلسفة الوسيطة الأوروبية والمسيحية من الفكر الفلسفي
الإسلامي.
ثانيا:
تشخيص الجزئيات التي أخذتها الفلسفة الأوروبية من الفكر الوسيط المسيحي، وإذا أمكن،
ووجدت الوسائط المباشرة، من الفكر الإسلامي الوسيط.
عندئذ ستتكامل حلقات الفكر ويتحقق التواصل
بينها، ولا أقصد بخطوطه العريضة، فهذا أمر واضح، ولا يكاد يجادل فيه أحد إلا قلة،
بل اقصد الجزئيات والتفاصيل،بشكل دقيق، فلا يكتفي أن يقال: هناك تأثير وتأثير، بل
ما هو؟، ومن بكن؟ وفي أي جزئية وإلى أي حد؟ تلك مهمة
جليلة على دارسي الفلسفة منذ الآن – خصوصا عندنا – أن يندبوا أنفسهم لها، بشرط
توفير الجامعات العربية منذ الآن لهم العدة مثل معرفة اللغات اللاتينية والإغريقية
القديمة واللغات الحديثة. (ص 11-13)
منهجه
المنهج الذي يعتمد عليه حسام الألوسي فهو تحليلي تركيبي، يتميز بأنه جدلي اجتماعي
تاريخي، "أولا، ينظر إلى الفعاليات البشرية في إطار حركة الطبيعة العامة: على أساس
وحدة القوانين المادية المعبرة عن وحدة الاجتماعي والمادي. ثانيا، عدم فصل الموقف
الفلسفي عن ظرفه الاجتماعي والاقتصادي والتاريخي" (أصالة الألوسي
الفلسفية ص
7-8).
ويصف
الألوسي منهجه في "تجربتي الفلسفية" كما يلي،
بالنسبة
للمنهج والقواعد التي أراها للتفلسف والدراسة
الفلسفية...أشير إلى جملة نقاط:
1-
دراسة المعلومة بحسب منهجية تقوم على ربط النص أو الموضوع بالأساس الاجتماعي
والمطروح العلمي والتراكم المعرفي.
2-
الالتفات إلى الكل أو البنية عند دراسة الجزء أو النظرية للشخص أو
النص.
3-
الحذر من التعامل التجزيئي.
4-الابتعاد
عن الأسلوب الانتقائي من التراث المدروس أو الفكر المدروس والمقصود هنا ليس
الفيلسوف الواحد بل المنظورات الفلسفية السائدة في زمان ومكان
ما.
6-الجدلية، وهذا واضح في سياقات نظرتنا إلى تراثنا الفلسفي
الفكري.
7-التكاملية، وبعض عناصرها الاستعانة بكل
العلوم.
8-التواصل،
ضد الشوفينية مثل أكذوبة المعجزة اليونانية أو المغالاة في عقلنة الفلاسفة
اليونان.
أهم
مؤلفاته:
o
مشكلة
الخلق في الفكر الإسلامي (بالإنجليزية) 1968.
o
من
الميثولوجيا إلى الفلسفة، 1973.
o
دراسات
في الفكر الفلسفي الإسلامي، 1980.
o
الفلسفة
والإنسان، 1990.
o الزمان في الفكر الديني والفلسفي وفلسفة العلم، 2005.
حوارات:
الفلسفة رؤية واسعة تمتد من الانسان الى الطبيعة - سعدون هليل
مصادر
o
تجربتي
الفلسفية – الأديب
o
أصالة
الألوسي الفلسفية في الفلسفة والإنسان، على حسين الجابري المجلة الفلسفية
العربية، عدد 3، 1994.