- مفهوم العقلانية بين الإسلام
والغرب
- أنواع العقلانيات وتعدديتها
مالك التريكي: من
العلامات الفارقة في مسار المفكر طه عبد الرحمن أن اختصاصه في مجال
المنطق قد أسفر عن مفارقة تمثلت في اكتشافه لحدود العقل إذ بينما يسود
الاعتقاد بأن العقلانية واحدة ثابتة لا تتغير يؤمن طه عبد الرحمن أن
العقلانية متعددة أي أنها عقلانيات عديدة ولهذا فهو يَنعَى على بعض
المفكرين والمثقفين العرب تعصبهم للعقلانية الديكارتية هذا التعصب الذي
يقول إنه بدأ منذ بداية إعجاب طه حسين بالثقافة الفرنسية، حيث يرى طه
عبد الرحمن أن الأسباب الموضوعية للعقلانية الديكارتية قد انتهت في عقر
دارها وانتهى معها بالتالي القول بصواب هذه العقلانية الأبدي وصلاحيتها
لتقويم التراث الإسلامي، كما يقول ديكارت نفسه عرض عقلانيته في خطاب لا
تنطبق عليه إلا معايير الاستدلال الحججي والبيان اللغوي ولا مكان فيه
للبرهان الذي تدّعي العقلانية الديكارتية التزامه، ذلك أن طه عبد
الرحمن قد ميز منذ صدور كتابه في أصول الحوار وتجديد علم الكلام بين
عقلانيتين على الأقل العقلانية البرهانية التي تحكم الممارسة العلمية
والعقلانية الحججية التي تحكم علاقات التعامل اليومي بل وتشمل الفكر
الفلسفي ثم ميز في كتاب العمل الديني وتجديد العقل ميز بين عقلانيات
ثلاث العقلانية المجردة فالعقلانية المسددة ثم العقلانية المؤيَّدة،
أما في كتاب اللسان والميزان فقد بلغ قوله بتعدد العقلانيات مداه
الأقصى وهو أن العقلانيات أكثر من أن تُحصى وقد وضع لإفادة هذا المعنى
مصطلح جديد هو التكوثر العقلي.
مفهوم العقلانية بين
الإسلام والغرب
طه عبد الرحمن-
أستاذ المنطق وفلسفة اللغة في جامعة محمد الخامس بالرباط: مفهوم
العقلانية من أين أتى؟ لا يمكن أن ننكر أن هناك تأثير يوناني فُرض على
المسلمين فرضاً إما عن طريق الفلاسفة أو عن طريق غيرهم حتى أصبحنا نسمع
في الخطاب الفقهي مثلا عبارة هذا يصح عقلا وشرعا كأن الشرع لا عقل فيه
وكأن العقل لا شرع فيه وحينما نقول شرع يعني القرار الغير معلل فكأن
العقل ليست فيه قرارات غير معللة وكأن الشرع ليست فيه علل وتعليلات
وأسباب هذا حقيقة هذا يعني تقابل غير مقبول ومرفوض علميا ولو عمّ إلى
واستمر إلى يومنا هذا فالعقل لو نقرأ القرآن ويعني وهو النص وكان أولى
بالمسلمين أن يتأملوا في هذا النص فالعقل من خلال النص يُفهم على أنه
شيء آخر غير المدلول اليوناني المدلول اليوناني العقل هو ذات هو كائن
من الكائنات موجود في الإنسان بل موجود في الكون كله بحيث ينتظم العالم
كله..
مالك التريكي
[مقاطعاً]: مبثوث في الكون كله..
طه عبد الرحمن
[متابعاً]: مبثوث في الكون كله..
مالك التريكي:
اللوغوس..
" هناك
تأثير يوناني فُرض على المسلمين فرضاً إما عن طريق الفلاسفة أو
عن طريق غيرهم " |
طه
عبد الرحمن: اللوغوس كما يقول فهذا المفهوم للعقل يعني لا نجده في نص
من النصوص الإسلامية كل ما نجد هو أن العقل فعل من الأفعال يعني مثله
مثل السمع ومثل الذوق ومثل البصر ومثل الشم يعني هو إدراك فعل إدراكي
من الأفعال التي يقوم بها الإنسان في حياته فإذاً العقل بالنسبة لي ليس
ذاتا ويقولون بالتعبير الفلسفي جوهر يعني جوهر يعني شيء قائما بذاته
مكتفي بذاته مستغنيا عن غيره هذا كلام لا يقبله النص عندنا فإذاً العقل
هو حركة هو نشاط هو فعل يقوم به الإنسان كما يستمع كما.. يبقى مشكلة أن
مصدر لا أحد قال في اللغة العربية السمع ذات ولا الذوق ذات ولا الشم
ذات بل الكل يسلم بأنها أفعال ونشاطات فعاليات ونشاطات فإذاً يبقى ما
هو الحامل ما هي الذات الحاملة لهذا الفعل؟ فالقرآن واضح في هذه
المسألة هو القلب العقل هو فعل من أفعال القلب أو الفعل الذي يختص به
القلب..
مالك التريكي:
الفؤاد..
طه عبد الرحمن:
الفؤاد أو القلب بتعبير القرآن {قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} فالفعل هو
فعل كما أن السمع أداته الأذن والبصر أداته العين فالقلب هو أداة العقل
هو فعل من أفعال العقل من هنا يتبين أو كيف أقول يعني يتبين العلاقة
الموجودة بين العقل والتعدد أن القلب ما معنى القلب؟ هو قوة لا تبقى
على حال أنها تتحول باستمرار وتتقلب باستمرار ولذلك يقول تقلَّب بمعنى
أنها قوة ذات إدراكية لا تبقى على حال واحدة فإذاً العقل الذي هو فعل..
فعل خاص بالقلب أنه سيكون متقلبا تقلب القلب بمعنى أن العقول ستكون
فيها تكاثر وفيها تقلبات وأنها لا تبقى على حال بل العقل الأسمى هو
الذي يستطيع أن يتقلب أقصى ما يمكن تقلب بمعنى آخر أن القلب تمر عليه
أحوال متعددة فيها أحوال حسية وأحوال روحية فكلها تنعكس في أفعال القلب
فالعقل يحمل شيئا من الإحساس من الحس ويحمل شيئا من الروح باعتبار أن
القلب هو الذي يصدر عنه هذا الفعل.
مالك التريكي:
إذاً الاختلاف بين القلب والعقل والروح هو اختلاف في الدرجة وليس
اختلاف في الطبيعة؟
طه عبد الرحمن:
ليس اختلاف درجة بل اختلاف أن العقل هو مصدر.. أن القلب هو مصدر العقل
كما أن العين هي مصدر البصر والأذن مصدر السمع يعني هي مصدر من مصادر
المعرفة القلب هو الذي يختص بالفعل العقلي هذا إذا أردنا أن نبقى في
إطار تراثنا وفي إطار النصوص التي نستند إليها، يبقى هذا الفعل الذي
يصدر عن القلب، أيّ نوع هو؟ لأن مثلا الفعل الذي يصدر عن السمع والصوت
يعني تسمع تلتقط يلتقط الصوت فإذاً ما هو نوع الفعل الذي يصدر عن القلب
ويسمى العقل؟ هو هذا الفعل هو ربط الأشياء هو مجرد ربط الأشياء يعني
القلب يقوم بعملية ربط الأشياء بعضها مع بعض يعني يقيم علاقات بين
الأشياء فإذاً الفعل الإدراكي للقلب هو فعل الربط بين الأشياء إلا أن
هذا الربط اختلف بين اليونان والغرب اليوم والإسلام فاليونان كانوا
ينظرون إلى هذا الربط على أنه ربط شامل للكون بحيث أن العقل هو يشكل
نظام..
مالك التريكي:
الكون..
طه عبد الرحمن:
نظام الكون وهذا النظام هو عبارة عن علاقات العلاقات العلاقات بعضها
متصل ببعضها لتشكل هذا النسق الكبير، فإذاً بالنسبة لليونان سلموا
بربطية العقل على أساس أن هذه الربطية تشمل الكون كله بل وتقيم فيه في
داخله ومحيت له وحالٌّ فيه في حين الغرب اليوم الحداثي العقل عنده هو
ربط أيضا ولكن ربط بين وسائل وغايات لم يعد الربط بين الأشياء كلها بل
هناك أشياء تعتبر غايات وهناك أشياء تعتبر وسائل فالربط هو أن تجعل لكل
غاية الوسيلة المناسبة لها..
مالك التريكي:
فهو ربط إجرائي هنا..
طه عبد الرحمن:
إجرائي ويسمونه بالعقل الأداتي وفكرة العقلانية الأداتية قائمة على هذا
المبدأ من حيث أنها تجعل أن لكل.. لابد من إيجاد الوسيلة المناسبة
للغاية وحتى هذه الغاية تصبح بدورها وسيلة إلى غاية أخرى وهكذا دواليك
بمعنى أنه الكل يصبح مُوسََّلا هناك توسيل للأشياء جميعها بحيث في
النهاية لا غاية يعني..
مالك التريكي:
ولا تهم معرفة الأسباب الجوهرية مثلما كان الأمر عند اليونان إدراك
الأسباب؟
طه عبد الرحمن:
بالضبط يعني الأداء ما تؤديه الإجرائية يعني عملية إجرائية في حين
الإسلام هناك ربط وهنا يكون التصور الإسلامي موصول بالتصور الحداثي
ولكن يمتاز عليه يرقى عليه هو أنه أيضا ربط بين وسيلة ولكن ليست مع
الغاية ربط بين وسيلة وقيمة الإسلام يربط بين الربط العقلي هو ربط
الأسباب بالقيم أربط الوسائل بالقيم وهذه نقطة في غاية الأهمية.. ليه؟
لأن القيمة ترفع الوسيلة إلى مستوى فوق المادي يعني تلك الوسيلة ولو
كانت مادية فهي تحقق دائما معنى مثاليا فإذاً الفرق واضح بين تصور
الحداثي الغربي الذي ينتهي بتوسيل كل الغايات وبين التصور الإسلامي
الذي في الحقيقة يؤدي إلى تقويم كل الوسائل بعملية عكسية تماما وهناك
فرق ثاني أساسي هو أن العقلانية الحداثية التي ذكرناها هي دائما تقول
لا يقين في أن الوسيلة التي سأختارها وسيلة ناجعة ولا أن الغاية التي
أخطارها ستكون نافعة..
مالك التريكي:
وغير مضرة..
" رفض
اليقين أصبح مبدأ من مبادئ العقلانية الحداثية، بينما العقلانية
الإيمانية تقتضي اختيار القيمة التي تحصّل اليقين في
نفعها، واختيار الوسيلة التي تحصّل اليقين في
نجاعتها " |
طه عبد
الرحمن: وغير مضرة وبدليل التقلبات التي تحصل على مستوى الغايات
والوسائل المستمرة وبدليل رفض اليقين الذي أصبح مبدأ من المبادئ مبادئ
العقلانية الحداثية، بينما العقلانية الإيمانية هي تقتضي اليقين وتقتضي
اليقين بحيث ينبغي أن تختار القيمة التي تحصل اليقين في نفعها وينبغي
أن تختار الوسيلة التي تحصل اليقين في نجاعتها فطبعا الإنسان يتساءل من
أين لي هذه؟ هل سأصل بنفسي إلى هذه الوسائل التي أكون يكون لليقين في
نجاعتها وسأصل إلى هذه القيم التي أكون على يقين من نفعها؟ جواب بسيط
وهو أن الوحي نزل ليمد الإنسان بهذا اليقين وهو الذي يحدد له المقاصد
التي نفعها يقيني أو القيم التي نفعها يقيني ويحدد له الوسائل التي
نجاعتها يقينية جدا بمعنى أن اليقينية هي التي سنستمدها في العقلانية
الإيمانية هي يقينية مستمدة من النص الديني وهي التي توفر للإنسان هذا
اليقين ولا سبيل إلى الوصول إلى هذا اليقين إلا بطريق هذا النص، فإذاً
ينبغي أن نختار يقينيات أو القيم اليقينية نختارها من النص والوسائل
نختارها من النص وتبقى لنا فرصة أننا نُفرِّع على هذه القيم قيم أخرى
ونُفرِّع على هذه الوسائل وسائل أخرى وسينتقل إليها بالضرورة اليقين
الأصلي لأمهات القيم وينتقل إليها يقينا نجاعة الوسائل أمهات الوسائل
الموجودة في النصوص.
مالك التريكي:
هل يعني هذا أن القيم الأصلية لا يمكن للإنسان أن يصل إليها بمحض
الاستنباط من تلقاء نفسه؟
طه عبد الرحمن:
القيم هذا نظري أيضا أن القيم لا تُستمد لا يعني قد يستنبطها إذا استند
إلى الأصل..
مالك التريكي:
سؤالي عن القيم الأصلية..
طه عبد الرحمن:
القيم الأصلية لا يمكن أن يصل إليها لماذا؟ لأن القيمة هي ما يجب أن
يكون في حين الواقع هو ما وقع وحدث ولا يمكن أن نستنبط ما يجب من ما
وقع بمعنى آخر لا يمكن أن نستخرج ما يجب أن يكون وهو يعم كليات متعددة
وكليات يعني مستقبلية يستطيع أن نستخرج منه من واقعة محدودة أو من
وقائع محدودة فالانتقال من الواقعة إلى القيمة هو انتقال غير ممكن
منطقيا..
مالك التريكي:
يعني لا وجوب ينتج من الوجود، الوجود لا ينتج وجوب..
طه عبد الرحمن:
لا وجوب ينتج من الوجود فالوجوب هو بمثابة معاني أو قيم بمثابة معاني
مشخصة أقول مُشخصة ولكن ليست في خارج الإنسان بل في داخله ليست معاني
مجردة كالمعنى العدد وكذا لا هي معاني مشخصة تشخيصا كاملا ولكنها
موجودة في باطن الإنسان وتكون بمثابة مصابيح تنير الطريق وتنير السبيل
للسلوك في الحياة وللتصرف مع.. لتصرف بالوقائع ولتصرف
بالأحداث.
[فاصل
إعلاني]
أنواع العقلانيات
وتعدديتها
مالك التريكي:
الشائع أن القيم مثلها مثل بقية المجردات هي كليات تجرد من الوقائع بعد
أن تفرغ من مضامينها وتبقى الصور والأشكال فتلك هي المجردات ولا فرق
بينها وبين القيم أنت لا ترى ذلك؟
طه عبد الرحمن:
طبعا لا أرى ذلك لماذا؟ لأن أولا هذه المعاني يحس بها كل شخص كيفما كان
لا يحتاج أن يصل عقله للتجريد لكي يحس بهذه المعاني..
مالك التريكي
[مقاطعاً]: العدل، المساواة..
طه عبد الرحمن:
المساواة هذه معاني مشخصة كما التشخيص في الخارج ولكن داخلية بمعنى أنه
لا يمكن أن تكون متولدة بعملية تجريدية يصعب على الإنسان العادي مثلا
أن يصل إليها وأن يحققها فبالنسبة هذا من ناحية قدرة الإنسان على
الوصول إلى المعاني فكل إنسان مفطور على هذه المعاني لا باعتبارها
كليات مجردة لا باعتبارها معاني مشخصة مشخصات في نفس الإنسان هذه نقطة
أساسية فالإنسان مفطور عليها أما قضية المجردات أولا المجردات درجات
بمعنى أنه قد أجرد الشيء وأضع له اسم معين ثم أنتقل من تجريد هذا الشيء
إلى تجريد التجريد وينتقل انتقالا وهكذا فعملية متواصلة من حيث أنه قد
نقول بأن المجردات غير متناهية متى عرضنا أن نسير في حين معنى العدل
معنى التقوى معنى الفضيلة هذه المعاني يحسها الإنسان في نفسه هذا من
جهة الواقع أما من جهة النظر كما ذكرت لكم والوجوب لا يستنتج من الوجود
الوجوب قانونه قانون المثال في حين أن الواقع قانونه المحسوس قانونه
الزمان والمكان في حين تلك معاني وضعت في الإنسان فهي التي يتعامل بها
في سلوكه اليومي وهي التي نزلت بها الأديان فأنا لا أظن أن الأديان
نزلت بالأعداد وبالبيوت كمجردات وإنما نزلت بالقيم حتى إني اجتهدت
اجتهادا قد لا يكون غير مصيب في تفسير الآية {وَعَلَّمَ آدَمَ
الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} فالاسم قد يكون من السمة فيصبح الاسم بمعنى
علامة مميزة ولكن قد يكون من معنى السمو وهذا المعنى يجعل أن الاسم له
وظيفة قيمة يعني قيمة مميزة فحينما أنادي شخص يا عبد الله فالمقصود ليس
مناداة شخص ليتميز عن غيره بقدر ما المقصود هو أن يحقق مثال أعلى هو
معنى العبودية لله، فإذاً أصبحت الأسماء هي بمثابة قيم فقد فقط نجتهد
ونقول بأن {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} يعني علمه القيم
التي فطر عليها الإنسان وأصبح يسلك بها مسالكه في الحياة اليومية بناء
على الوحي الذي ينزل والذي يعلم الإنسان أن هذه الفطرة موجودة وأنها
الدين وفقها.
مالك التريكي:
لهذا السبب انتقلت بعد التمييز الأول بين العقلانية البرهانية
والعقلانية الحججية إلى التمييز في كتاب آخر تجديد العمل الديني وتجديد
العقل كتاب..
طه عبد الرحمن:
فحقيقة انطلاقا من هذا الربط بين الوسيلة والقيمة تحددت لي أنواع من
العقلانيات فهناك العقلانية المجردة وليس معناها المجردة بمعنى مستخرجة
من المحسوسات إنما المراد منها الممارسة العملية فالمجردة هذه ليس لها
يقين لا في نفع المقاصد ولا في نجاعة الوسائل وهي تنطبق تماما على
العقلانية الحداثية يعني ليس لها يقين فهي في نظري تدخل في نطاق
العقلانية المجردة، في حين العقلانية المسددة أن صاحبها حصَّل اليقين
في القيم ولكنه لم يُحصِّل في نفع القيم ولكنه لم يُحصِّل اليقين في
ناجعة الوسائل فيبقى هناك تفاوت ولكنه مسدد لماذا؟ لأنه سيكون قد اختار
تلك القيم من الوحي واجتهد في الاستقلال عن الوحي لوضع الوسائل للوصول
إلى تلك في حين أن العقلانية المؤيَّدة هو أن صاحبها اختار مقاصده وحصل
قيمه وحصل اليقين في نفعها كما حصل اليقين في نجاعة الوسائل التي توصله
إلى هذه القيم فسميت يعني قلت العقلانية المجردة التي ليس فيها قيم
وسميت الثانية التي لا اليقين صاحبها اليقين في نفع القيم سميتها
بالعقلانية المسددة والثالثة سميتها بالعقلانية المؤيدة وهي العقلانية
التي يكون صاحبها قد حصل اليقين في نفع قيمها وحصل اليقين في نجاعة
وسائلها.
مالك التريكي:
ثم بلغت مرتبة أخرى في تعددية العقلانيات في كتاب الإنسان والميزان
التكوثر العقلي حيث تقول بإن العقلانيات لا تحصى؟
طه عبد الرحمن:
لأن اليقين أيضا درجات..
مالك التريكي:
لكن هل العقلانية مسددة كفي مجتمعاتنا هل هي متوفرة يعني نظريا أنا
أفهم نظريا هذا لكن عمليا؟
طه عبد الرحمن: هذا أنا
أتكلم عن تصوري للتراث الإسلامي أو للنص الإسلامي لا أتكلم عن واقع
المسلمين، واقع المسلمين قد يُرثى له وقد لا نجد فيه لا عقلانية ولا
ينكي يمكن خطاب لا يدخل في هذا النطاق ولكن
الذين من المؤكد هذه الأمور بنيتها على النصوص على أساس أن الفيلسوف هو
لا يتكلم عن الواقع بقدر ما يتكلم عن ما يجب أن يكون السياسي فعلا هذا
هو الفرق بين السياسي والفيلسوف، الفيلسوف يريد أن تكون الأشياء بوجه
ما في حين السياسي هو يرى الأشياء كما هي فأشياء الفيلسوف فأنا أتكلم
من موقع فلسفي باعتبار أن ما يجب أن تكون عليه العقلانية هو ما حددته
من أنواع ومن مراتب.