14/05/2008 02:52:36 م
مئذنة الخيرالدا من آثار المسلمين فى
الأندلس |
أسبق من أى حضارة .. تلك معجزة الإسلام
الخالدة
محمد عبد
الكافي
اسـتـهـلال إن الاستثناء يؤكد القاعدة حسب المقولة الإسبانية وليس ثمّة ما يعزز هذا الرأى أكثر من كتاب صدر مؤخرا فى إسبانيا سأحاول إعطاء نبذة عنه قد لا تفيه حقّه ولكن عساها تلفت إليه وإلى القلم الذى حيّره النظر وتذكرّ أنه فى الإمكان، إذا صفت النية وترك التعصب واتبع الصدق واحترم الآخر، أن نحقق فى هذا العالم المملوء ظلما وتعسفا وحقدا وتعصبا، حياة تعايش وتفاهم وسلام مهما تعددت الآراء واختلفت أوتباينت المشارب والاتجاهات. ليس من المعتاد فى أيامنا هذه أن نقرأ لكاتبة متدينة مسيحية كاثوليكية مواضبة على أداء شعائر وفرائض دينها فتقول الحق عن الإسلام وتقوله بكل صدق وإيجابية ومعرفة عميقة مؤيدة بالمراجع والاستشهاد، محللة المشاكل والغرائب والأزمات، بعد وضعها فى إطارها التاريخى والجغرافى والإجتماعى وفى إطار الظروف التى أحاطت بها. إن من عادتي، إذا طالعت كتابا، غير القصة، أن أمسك بقلم رصاص فأعلمّ أوأضع سطرا تحت الجمل التى أراها مهمة وأنسخها أحيانا فى كناشتى للاستشهاد بها عند الحاجة. لكن فى هذه المرة وبعد تسطير أسفل بعض الجمل والأفكار وجدتنى محمولا على زركشة كل الكتاب فوضعت قلمى جانبا وركزت على ما بين يدى من عمل جدير بالتقدير لنزاهته واحترامه للحق والتاريخ وآراء الآخرين دون التخلى عن إبداء الرأى والتعليق والملاحظة. الـكـتـاب إن الكتاب الذى أقدم على التعريف به صدر خلال شهر يوليوالماضى 2007 عن جامعة غرناطة ودار النشر "تروتّا" "trotta" وجاء فى مائتين وسبعين صفحة من حجم 23/13صم. كتاب بسيط فى مظهره غنى وثرى متعدد المواضيع فى محتواه فيصعب حقا تصنيفه. فهو، دون مبالغة، كتاب تاريخ وجغرافيا واجتماع وفقه وزهد وتنسك وهوقبل وبعد كل شيء كتاب عن الإسلام، يعرّفه منشأ وتاريخا وعقيدة وانتشارا مع كل ما يستوجب ذلك من التعريج على التكوينات الاجتماعية والتاثيرات الجغرافية والعلاقات البشرية إلى غير ذلك من المؤثرات الطبيعية العادية وغير العادية التى من شانها أن تؤثر فى مسيرة كمسيرة الدين الإسلامى بما فيها من تفاعلات ربانية وبشرية. قسم الكتاب إلى أحد عشر فصلا هي: الجزيرة العربية قبل الإسلام، محمد، الخلفاء الراشدون، انقسام الإسلام، المنابع، أركان الإسلام، معتقدات وحياة، الحياة الروحانية والتصوف، الإصلاح المعاصر، المشهد الحالى للمسلمين بالأقطار العربية والمسلمون فى العالم. الــمــؤلــفــة هى الدكتورة منسرات أبوملهم ماس أستاذة كرسى بقسم الدراسات العربية والإسلامية بكلية فقه اللغة من جامعة "كومبلوتنسي" بمدريد. والدكتورة منسرات متخصصة فى اللغة والآداب العربية والعبرية والأدب العربى المقارن والأدب والفكر العربى والإسلامي. إن الدكتورة منسرات لبنانية الأصل قطلانية المنبت إسبانية المولد مسيحية الدين ابنة المرحوم الدكتورنجيب أبوملهم الأستاذ الشاعر المحرز، بعد وفاته، على جائزة بابطين للشعر ولعله هوالذى بث فى ابنته حب اللغات وخاصة العربية فأصبحت ما هى عليه من عميق المعرفة واتساع الثقافة وتعدد اللغات وما تتحلى به من اتساع أفق وعدم تحيز وإنصاف فى القول والعمل والرأى مع احترام كامل حقيقى لكل معتقد ودين مهما كان الاختلاف فى الأسس أوالمظاهر. للدكتورة أبى ملهم تآليف كثيرة : كتب ودراسات ومقالات ومحاضرات. منها على سبيل المثال لا الحصر، كتاب المحاضرة والمذاكرة لأبى هارون موسى بن يعقوب بن عزرة الغرناطى "1055/1135" الذى ترجمته وصححته ونشرته فى جزءين ومجتمعات إسلامية فى أوروبا "1995" ونصوص اساسية فى التقاليد الإسلامية "2005" ومؤلفات أخرى كثيرة مما يجعلنى أعتبرها إحدى المستعربات الإسبان إلى جانب الدكتور بيدرومارتيناث مونتابث الذى يعتبر حاليا شيخ الاستعراب المتصدى بكل شجاعة وثبات للدفاع عن العرب والمسلمين وله، هوأيضا، مؤلفات كثيرة قيمة عن الإسلام والمسلمين إلى جانب مؤلفاته العديدة المتنوعة عن الأدب العربى المعاصر وأدبائه البارزين. الـــمـــادة إن مادة الكتاب فى حقيقتها عدة مواد جاءت، كما سبق القول، فى أحد عشر فصلا أوبابا يحتاج كل واحد منها إلى عرض وتحليل ونقد منفرد، لكن حيث أن المجال لا يسمح بذلك فلأستعرض الكتاب ككل عسانى أبلغ ما أرمى إليه من تعريف بهذه الثمرة الشاذة لمجهود علمى صادق. أقول شاذة لأن الإسلام، كما يعلم الجميع، استهدف ويستهدف منذ عشريتين أوثلاث إلى هجمات عنيفة مغرضة يقوم بها كل حامل قلم فى الغرب يبحث عن شهرة أوجلب الأنظار فيكيلون، إلا من ندر منهم، للإسلام كيلا، محملينه ما ليس فيه، إما عن جهالة أوبقصد التشويه حتى أصبح قول الحق بصدده شذوذا واستثناء يلفت الأنظار ككتاب الدكتورة مسرات أبى ملهم الذى نحن بصدده. ولم يفت تصرف الآخرين المغرض عن حصيف رأى الكاتبة فتعرضت له فى مستهل مقدمتها فقالت:" إنه من النادر أن يمرّ شهر، خلال السنوات الأخيرة دون صدور كتاب عن الإسلام. لكن، حتى تلك النصوص المتعلقة بالإسلام كحركة دينية، كثيرا ما تخضع للتحيّز والإثارة والإنتهازية وتخلط، بطريقة منسجمة ظاهريا، بين ما يتعلق بالتطور التاريخى للإسلام أوبحضوره وصورته الحالية فى العالم، وبين أسسه وتطوره وطموحاته ذات الصبغة الروحانية والدينية أساسا... إن ظاهرة دينية كالإسلام من الصعب فصلها عن مظاهرها الخارجية التي، كثير منها، سبب أونتيجة لا تنفصل عن أحداث تاريخية أنواعها كثيرة مختلفة. لكن، إذا لم تفهم علاقاته بظواهر دينية اخرى وبجذوره الأنتروبولوجية وبشحنته الإنسانية، سيكون من المستحيل اعتبار المعالجة التى تخصص له، مطابقة لمفهومنا لعرض وتحليل دين ما"...."إن نقطة الانطلاق التى نطرحها لأنفسنا تنبع أولا من معرفة الغير التى ترافق الموضوعية ثم من الرغبة فى تقديم تحليل ووصف للإسلام كما هوأساسا : دين نابع عن بحث شخصى عميق وتجربة للحضور الإلاهى وكلاهما وثيق الارتباط بتقاليد توحيدية طويلة مشتركة مع شعوب أخرى تصادفت فى نفس المجال الجغرافي". بعد شرح هذه الشروط أوهذه الطريقة التى وضعتها الكاتبة لنفسها حتى تواجه مهمتها، تقول : "إنه يتحتم تقديم قواعد الإسلام التاريخية والدينية ثم وضعه داخل سياقه مع اعتبار تعقيداته وذكر أبرز تطوراته بعد إدراجه ضمن منظور أسلافه وضمن علاقاته بالديانات التوحيدية الأخرى لكن من منظور روحانى دينى بحت."...لأن الإسلام فى نظرها "ياتى بكل القواعد الضرورية لتنمية ثقافة ذات علامات خاصة بالهوية."..."إن إدراك العالم والكون وواقع البشر فى حياتهم والإلاه وعلاقات البشر بالله تفضى وجوبا إلى شكل خاص لمفهوم العدل والنظام والسلطة وتسيير الشؤون.." وهذا يؤدى بالكاتبة إلى اعتبار أن الديانات التى لها نظرة الحشر والنشر أوالتفريق بين الخير والشر فى العالم ولها مفهوم العدل، تحتوى دون شك على "نواة ما يمكن أن نشبهه بمبدإ سياسي." قد يكون فى هذه النبذة من المقتطفات ما يكفى لتصور آراء الكاتبة عن الدين إجمالا وعن الإسلام خاصة وتصوّر مفهومها لعمل كالذى اقدمت عليه فجاء عملا أكثر إنصافا للإسلام من معظم ما سبقه. فهى اولا تحاشت جزئيات يتعمد الكتاب المغرضون أوالجهلة دسّها فى نصوصهم أذكر منها، لمجرد الإنارة، عدم الإشارة إلى الخالق عز وجل باسمه فى اللغة التى يكتبون بها بل يسمونه بالعربية المحرفة حسب نطقهم حتى يوعزوا إلى القارئ أن الله فى الإسلام هوغيره فى المسيحية أواليهودية. كذلك يصنعون بالنسبة للرسول "صلعم" فيسمونه "ماهوما" بينما الأستاذة أبوملهم ذكرت الله باللغة الإسبانية والرسول حسب النطق الصحيح لاسمه الكريم فكتبت "Dios " و"Muhammad" وغير هذه الجزئيات كثير وهوإن دل على شيء فإنما يدل على حرص الكاتبة على عدم الوقوع فى ما يقع فيه الآخرون عمدا أوجهلا من تحريفات وأخطاء للدّسّ والتشويه. المنهجية اتبعت الأستاذة مسرات كما سبق القول نسقا منظما يتدرج تاريخيا ومنطقيا مما يسهّل الفهم والتمعّن. فبدأت ببسطة تاريخية اجتماعية عمّا قبل الإسلام وعن الجاهلية لتصل إلى تقديم الرّسول الكريم عبر حياته وسيرته ثم رسالته كما جاءت فى السّيرة المحمّديّة عندنا مدرجة من حين لآخر ما ارتأته من آيات وأحاديث وتعليق أوتوضيح لا يمسا بالجوهر كقولها مثلا:" يجب أن يبقى واضحا أن النبى محمّدا لم ينظم شيءا شبيها بالدّولة الإسلامية بل ما شرع فيه هوحركة روحانيّة بعيدة المدى كانت تطمح إلى تكوين روابط وحدة بين العرب معوّضة الالتزامات العصبية المتدرجة بمفهوم جديد للمساواة..." وتضيف بعد الإشارة إلى أن " الإسلام خاتم الرسالات السابقة" أن النبى "صلعم" سعى لوضع المفهوم الحقيقى لهذه الرسالة بصفة نهائية. ثم إن الكاتبة، وهى تتحدث عن الرّسول، لا تخشى التعرّض لأخطاء الآخرين فتقول:" إنّ البحث الغربى من جهته تراوح باستمرار بين اعتبار محمّد " نبيّا مزعوما " أو" رجلا سياسيّا ". كلا الرأيين خاطئ لأنهما ينبعان عن حكم سابق..." وتتعرّض لتعدّد زيجات النبي، التى كثيرا ما استعملها الآخرون لنقده والحط من قيمة الإسلام، فتفسرها قائلة: " ..إن هذه الحجج لا تأخذ بعين الاعتبار أن الأحلاف بين القبائل يمكن أن تتم بانتماء غير مشروط على إثر هزيمة عسكرية أويمكن أن تقام عن طريق التصاهر..." تساير المؤلفة التسلسل التاريخى فتقدّم لقرّائها الخلفاء الراشدين الذين تذكرهم بترجمة التسمية العربية متبوعة بهذه الأخيرة بأحرف لاتينية ثم تشير إلى أن مفردة "أورتودكس " التى يستعملها البعض بشأنهم "لا معنى لها عند تطبيقها على الإسلام" وتقول:" إن تحوّل مجتمع المؤمنين إلى دولة منظمة ثم إلى إمبراطورية فى طور التوسّع عائد إلى سلسلة من الظروف التى عاشت بعد محمّد ولدور الخلفاء الراشدين فيها وزن كبير." ثم تشرح فى بحث تاريخى قيّم مشاكل الخلافة وتسلسلها وتغيّر أشكالها وكيف أصبحت وراثية وما تلا ذلك من أشكال حكم لعبت فيه السلطوية وفتاوى العلماء المقرّبين من السّلطة أوالخائفين على وحدة الأمّة دورا أعطى الإسلام صورة الحكم الدّينى "تايوكراسيا" ومظهر العلاقة الوثيقة بين الدين والسياسة. من ثمّ تتخلص إلى ما أسمته تفكك الإسلام فعدّدت وشرحت وعلقت على المذاهب المختلفة وخاصّياتها موضّحة مشارب واتجاهات كلّ منها. تحت عنوان المنابع أوالمصادر تتوقف الكاتبة عند القرآن الكريم "الكتاب الجامع للوحى " وعند السنة وتقول: " كلاهما، القرآن والحديث، هما المنابع الأساسيّة، ثم تؤيدها بالمفردة العربية "الأصول" – تحاشيا للبس - التى تتفرع منها كل مستلزمات حياة المؤمن. لهذه الأصول أوالمصادر أوالمنابع خصّصت الدكتورة منسرّات أكثر من خمس عشرة صفحة من كتابها لتربط للقارئ بين الإسلام وما سبقه من نبوؤات من عهد نوح وإبراهيم عليهما السلام مستشهدة بآيات من القرآن الكريم موضحة دور اللغة العربية وقوتها وفصاحتها وكيف أصبحت لغة الجميع. ثم تقوم المؤلفة بدور الفقيه المعلم فتعرض وتشرح قواعد الإسلام واحدة واحدة مستدلة بالآيات القرآنية والأحاديث تماما كما هوالشأن عند إلقاء الدروس الدينية فى اى بلد إسلامي. وهنا أعترف أننى حرصت على أن أجد لها هفوة أوخطأ يذكر فاستحال عليّ ذلك باستثناء جزئيتين أولاهما نسيانها زكاة الفطر وثانيتهما استعمالها المفردة المتداولة عند الغربيين عند الكلام عن الزكاة فتسمى "صدقة" وهى لعمرى غير ذلك. إن الصّدقة اختياريّة بينما الزكاة فرض فهى إذن ضريبة سنويّة مفروضة لا دور للاختيار فيها فتصبح أتاوة أوضريبة أوجزية لا صدقة ثم إن الأستاذة عند وصفها الصّلاة نسيت شرح طريقة الرّكوع وكل هذا وأيم الله لا أثر له البتة أمام ما قدّمته مشكورة. يعلم الجميع أن المغرضين فى الغرب لا يردّدون هذه الأيام إلا كلمة " الجهاد" فيسمّونه "حربا مقدسة " يساعدهم على التهجم على الإسلام فى هذا الباب أولئك الذين اتخذوا الدّين مطيّة لأغراض لا صلة لها بالدّين وجعلوا من الإرهاب جهادا بعيدا عن الجهاد الحقيقي. لم تهمل الدكتورة أبوملهم هذا الجانب المهمّ فخصّصت له صفحة كاملة ابتدأتها بقولها:" إنه اى الجهاد ليس ضمن قواعد الإسلام". ثم تشير إلى الآية 109 من سورة البقرة وتقول " إن الجهاد، كتوصيات قرآنية اخرى كثيرة، يعنى المسؤولية الأخلاقية ويشير إلى واجب كلّ مسلم أن يتصرّف حسب الإرادة الإلاهية، مراقبا ميوله لفعل الشرّ وركوب أهوائه. هذا هوالجهاد الأكبر." وتختم قائلة: " لم يقع قط استغلال هذه الكلمة "الجهاد" مثل ما هى مستغلة اليوم لتبرير أيّ عمل عنف على حساب مفهومه الأخلاقى العميق وهوما يحمل الكثيرين من المعلقين غير المسلمين على الإلحاح والتوقف عند هذا التفسير الوحيد أى العنف والتعسف." بعد التوقف عند مختلف المدارس التشريعية والمذهبية وشرح مناهجها وتفاسيرها وما سنته من قوانين تعرّضت الأستاذة إلى العقيدة الأصيلة وما علق بعدها من معتقدات وعادات شعبية كثيرة لا تمت إلى الدّين بصلة. وكما هوطبيعى ابتدأت بالخالق جلّ وعلا وبوحدانيته ووجوب الإيمان بها مستدلة بالآيات القرآنية التى ترجمت منها الكثير حتى وصلت إلى أسمائه الحسنى ومعانيها ووجوب ذكرها والتسبيح بها. تدرّجت بعد هذا إلى ما فى الإيمان بالله وما خلق من إنس وجان وملائكة وجنة ونار وكل ما جاء به القرآن فاعتبرته دافعا لمعرفة ما فى الكون من عجائب ولذا اهتمّ المسلمون كلّ الاهتمام بمختلف العلوم . أما معرفة الله حق معرفته فقد تولد عنها التصوّف والحياة الرّوحانيّة فخصّصت لهما الكاتبة فصلا كاملا من ثلاثين صفحة حتى خلتها متصوّفة هى الأخرى اوفى طريقها إلى التصوّف. الـنـهـضـة باب خاص جاء فى أكثر من ستين صفحة عالجت فيه الدكتورة النهضة والإصلاح وحركات التطوّر التى عرفها العالم الإسلامى والعربى على وجه الخصوص. فذكرت أعلام الإصلاح وأبطال النهضة وزعماء مختلف الحركات التى عرفت شرقا وغربا متوقفة بعناية وتعمّق ومعرفة عند كل حدث أوحركة أوشخصيّة غير ناسية الإشارة إلى أوروبا ودورها المباشر أوغير المباشر فى كل التململات التى عرفت فقالت:"عندما ركز الأوروبيون، لأسباب سياسيّة ،اهتمامهم فى المنطقة الجغرافية المسلمة فى أغلبيتها، وخاصّة فى العالم العربي، وجد سكانها أنفسهم، وهم الذين رزحوا طوال قرورن تحت وطأة الإمبراطورية العثمانية، أمام مدنية جديدة لا يعرفون عن تطوّرها وتقدّمها إلا نزرا قليلا. فاستولى شعور الجاذبيّة والسّحر على الكثيرين من العرب لكن استولى عليهم أيضا الشعور بالخيبة لما تبيّـنوا أن ذلك العملاق الأوروبى ليس مثالا يحتذى بل هومحتلّ غاز" خيّب الآمال فى التحرّر، بعد مشاهدته " يرسم حدودا جديدة لتقطيع اشلاء التراب بطريقة تعسّفية لا تتماشى إلا مع مصالحه " فأدى كلّ هذا إلى وجوب الصّحوة والإصلاح والمقاومة والتحرّر بزعامة الكثيرين ممّن تسلحوا دينيّا اوعقلانيا أوسياسيا عدّدتهم المؤلفة واحدا واحدا إلى أن قالت: " إن الإسلام حاليا الذى يعاش غالبا كتجربة إيمانية باطنية من طرف الملايين من البشر هومع ذلك معتبر قوّة سياسيّة كغيرها يطالب بها الكثيرون حتى أنه، ويا للأسف، تحوّلت رسالته الروحانيّة العميقة إلى مجموعة شعارات مبتذلة أحيانا أوإلى سلاح مولّد أومبرّر للعنف. وهكذا فإنّ العمل الذى بدأه رجال عظام ذووإيمان عميق خلال القرن التاسع عشر قد تمّ إخماد صوته فسحق تحت الاستعجال السياسى والتدخلات والمصالح التى لا علاقة لها بتجربة روحانية. لم يبق للإسلام إلا الحياة اليوميّة لعدد كبير من المؤمنين يقومون شاهدا على روح الاستسلام للإرادة الإلاهية ولخدمة الأمّة ومعهم بعض المفكرين المدافعين عن هذه الحقيقة، غير أن صوتهم يخمده ضجيج القنابل وصياح الهائجين. لا شك وأن هؤلاء وأولئك سيحافظون على شعلة إيمان استطاع العيش داخل قلوب نبيلة كثيرة طوال ألف وخمس مائة عام". بعد كلّ هذا، وما تركته أوغفلت عنه كثير، يختم الكتاب بمشهد الإسلام فى الأقطار العربية بما فى هذا المشهد من مشاكل وتيّارات وتدخـّل أجنبي، اعتمد فى كثير من الأحيان، على مجموعات دينية وآزر وساند أنظمة على حساب شعوبها مع الإشارة إلى العوامل الاقتصادية وغيرها التى أولدت الهجرة وما يلاقيه المهاجرون من رفض من قبل البلدان المستقبلة. فالخلاصة، كما تقول الدكتورة منسرّات أبوملهم هى " أنّ العالم العربى الإسلامى ليس منطقة جغرافية شاسعة تتصل حدودها بأواسط إفريقيا وآسيا فقط، بل هومجال تتعايش فيه، منذ القدم وخاصّة منذ انتشار الإسلام، معتقدات دينيّة كثيرة، إن هى توحّدت نسيبّا طوال عدّة قرون تحت مظلة المدنيّة الإسلاميّة، هى اليوم قد تضاعفت تبايناتها نتيجة أحداث القرن العشرين. غير أن هذا لا يمسّ بالمعتقدات غير الإسلامية وحدها بل مسّ أيضا كلّ المسلمين من هذا التيار أوذاك ممّا دفع بالكثيرين من العرب أن يجعلوا من الدّين راية سياسيّة أخرى، تظهر أحيانا فى شكل ديمقراطى مسالم وأحيانا كثيرة تتصف بشكل من العنف والإرهاب." يختم كتاب الإسلام للدكتورة منسرات ابى ملهم بقولها: " إن الهجرة، كما سبق القول، قد ضاعفت من الحضور الإسلامى فى اوربا وفى بعض الحالات فإن عولمة العالم الأوربى قد سنحت بالبحث عن صفة دينية، بحث أدى إلى اعتناق الإسلام الذى تماشى مؤخرا، بالنسبة لإسبانيا، إلى جنب البحث عن شكل قوميّ كما هوالحال بالنسبة لما يسمّى "المسلمون الأندلوسيون". خــاتــمــة هذا هوفى إيجاز كتاب الإسلام، من دين العرب إلى دين عالمى للأستاذة الكاتبة الدكتورة منسرات أبى ملهم. لست أدرى إن كنت بهذا التقديم قد وفيته حقه وأعطيت قارئ هذه السّطور صورة عنه حقيقية صادقة. أقول هذا لأنى كثيرا، وانا أكتب، وجدتنى ميّالا لنسخ الكثير الكثير ممّا قالته الكاتبة حتى يطلع القارئ الكريم رأسا ومباشرة على آرائها وطرحها وأمانتها فى نقل المعلومة أوالقاعدة أوسرد التأريخ بدلا من إشارتى أوتعليقى على ذلك. لكن، لكل مقام مقال وإن أنا قصّرت فعذرى غزارة وأهمية المواد وختاما أقول : حبّذا لوكنت من أولئك الأغنياء الذين يبعثرون أموالهم يمنة ويسرة فأعيد طبع ونشر هذا الكتاب بمختلف اللغات الغربية ثم أوزعه مجّانا خدمة للإسلام والحق والمعرفة لأن معظم ما يقاسيه عالمنا اليوم من مصائب وشدائد ناتج عن جهل بعضنا لحقيقة البعض وعن معرفة الآخر المحدودة لما تلقننا إياه كتابات مغرضة موجّهة وإعلام مسخّر مسيّر حسب أهواء ومصالح وغايات لا تمت للحق ولا للأخوة الإنسانية ولا للرّغبة فى التعايش السّلمى بصلة وهذا ما يزيد فى قيمة كتاب منسرّات أبى ملهم. "..إن الإسلام، كما هى الحال بالنسبة لكل كبريات تجارب الإنسان الفكرية، منبع لإعمال الفكرلا ينبض ولم ينبض، وهوكلما زاد تمعّنه، زادت أوجهه المختلفة التى يقدّمها. وهكذا أيضا فإن النصّ القرآني، بعد خمسة عشر قرنا من نزوله على النبيّ محمّد، كنصّ موحى، لا يزال قابلا لاقترابات مختلفة ولا يزال يسمح بتحاليل مختلفة الأوجه.." "..إن النقد الغربى يعتبر أن النّصّ القرآنيّ... نصّ قليل الاعتبار من الناحية الجماليّة وتصعب قراءته لابتعاده المشط عن الأساليب الأدبيّة المعتادة. ومع ذلك، فإن تجربتى الشخصيّة فى قراءتى القرآن المتكرّرة، تسمح لى بالقول بأن هذا الرّأى يبدولى على الأقل مجحفا..." "...إن القرآن، فى مواضع كثيرة مختلفة، ينبّه المؤمنين بوجوب معاملة الزوجة بإحسان وفى حالة تعدد الزوجات، يهدد بوجوب معاملتهن بالعدل الكامل، عدل طرح بعبارات تؤدّى عمليّا إلى الزواج الأحادي.." *الإسلام: من دين العرب إلى دين عالمي تأليف: منسرات أبو ملهم الناشر: جامعة غرناطة ودار النشر "تروتا" |
لماذا يصلى
الراشدون؟ |
محكمة مصرية تقضى بحبس نيكول سابا لمدة
شهر |
سياسى هولندى يحرض
على"الفتنة" |
الحجيج بسألون الله أن يضع نهاية للأزمة
المالية |
فيصل الأطرش: أسمهان ليست
عميلة |
كيف السبيل إلى القبض على الوعى فى كامل
حيويته؟ |
الإنسان والعالم بنية لا متناهية من الرموز
(2) |
نقد المركزية الأوربية المؤججة
للصراع |
خمس مسرحيات تونسية فى مهرجان دمشق
المسرحي |
برنامج كوميدى يستعيد وفاة الأميرة
ديانا |
يتهم غوغل ومايكروسوفت بغزو
دماغه |
لانغيلا يعترف بصعوبة التخلص من الرئيس
نيكسون |
وينفرى وجولى الأكثر تأثيرا فى
هوليوود |
يحيى الفخرانى يبدأ تصوير "محمد على
باشا" |
عثمان سعدي: " الثورة الجزائرية فى الشعر
العراقي" |
القصة القصيرة.. نمط من الأدب لا يكرر
مشاهده |
غراتس النمساوية تحتفى بأفلام الآلب وأعماق الحضارات
الغربية |
حفريات فى الخطاب
الخلدوني |
هوس الانترنت فى
تراجع |
"تريبيون" الأمريكية تدرس خيار إشهار
إفلاسها |
قرابة مليونى معاق فى
الجزائر |
اليمنيون يعزفون عن شراء الأضاحى بسبب
أسعارها |
كشف لغز فلكى بعد 400
عام! |
"التلوث الصوتي" يهدد
الحيتان |
لائحة شروط للتبرع
بالبويضة |
السعادة
..عدوى! |
تونس تطرح رخصة للهاتف الثابت
والمحمول |
الصين ترمم سمعتها
الغذائية |
«التاكسى الشمسي» تنهى رحلتها حول
العالم |
التدخين السلبى يضر
الخصوبة |
ناسا ترجئ رحلة استكشاف
المريخ |
نضارة البشرة فوق كل
شيء! |
231 ألف حالة طلاق فى
البرازيل! |
المنازل "الذكية" فى
تزايد |
نقل مدينة "بالكامل" بسبب
التلوث! |
فيرمونت الأكثر تمتعاً
بالصحة |
المناطق القطبية ..مفتاح فهم
المناخ |
المسنون أكثر إحساساً
بالشباب! |
ارتفاع وفيات مدمنى
المخدرات |